سلاح «حزب الله» يتصدر اهتمام أصدقاء لبنان ويتقدم على الإعمار

تحذير دبلوماسي من «اللعب بالنار» مع اقتراب التجديد لـ«يونيفيل»

عناصر من «حزب الله» خلال تدريبات في مايو 2023 (أ.ب)
عناصر من «حزب الله» خلال تدريبات في مايو 2023 (أ.ب)
TT

سلاح «حزب الله» يتصدر اهتمام أصدقاء لبنان ويتقدم على الإعمار

عناصر من «حزب الله» خلال تدريبات في مايو 2023 (أ.ب)
عناصر من «حزب الله» خلال تدريبات في مايو 2023 (أ.ب)

موضوعان لا ثالث لهما يتصدران جدول أعمال المرحلة السياسية الراهنة في لبنان، ويحظيان بمواكبة غير مسبوقة من أصدقاء لبنان، وفي طليعتهم معظم السفراء المعتمدين لديه. وهما: سحب سلاح «حزب الله» التزاماً منه بالبيان الوزاري الذي نص على حصريته بيد الدولة، والكف عن التعرّض لقوات الطوارئ الدولية المؤقتة (يونيفيل)، مع اقتراب موعد نظر مجلس الأمن الدولي بطلب لبنان التجديد لها في أواخر شهر آب (أغسطس) المقبل، خصوصاً وأنه يشكل تقييداً للمهام الموكلة إليها أثناء قيامها بتسيير الدوريات في جنوب الليطاني بمواكبة الجيش اللبناني أو من دونه، وبالتالي انتهاكاً للقرار 1701.

فحصرية السلاح بيد الدولة ما زالت تراوح مكانها، وأن حسمها يتوقف، كما تقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، على تسريع بدء الحوار الموعود بين رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون و«حزب الله»، لعل الأخير يقتنع بضرورة تسليم سلاحه واستيعابه ضمن استراتيجية أمن وطني للبنان، رغم أن هؤلاء السفراء، وآخرهم سفيرة الولايات المتحدة الأميركية، ليزا جونسون، يحذّرون من إضاعة الفرصة المؤاتية لإخراج البلد من أزماته، ويرون بأن تسليم سلاح الحزب يبقى المدخل الوحيد للضغط على إسرائيل للانسحاب من الجنوب، والمعبر الإلزامي لطلب المساعدات لإعادة إعمار البلدات المدمّرة.

حصرية السلاح

وكشفت المصادر عن أن السفيرة جونسون باشرت القيام بمروحة واسعة من الاتصالات واللقاءات، ولا هم لها سوى التركيز أولاً وأخيراً على حصرية السلاح بيد الدولة، وأن الولوج إليها يبقى بتسليم «حزب الله» سلاحه، من دون أن تتطرق إلى تحديد جدول زمني لتسليمه، ويكاد يكون بند تسليم «حزب الله» سلاحه محور اتصالاتها، لو لم يطرأ عليه بند جديد يتعلق بالتجديد لـ«يونيفيل».

جنود من «يونيفيل» يشاركون في إحياء «العيد الـ77 لحفظة السلام» بقاعدة عسكرية تابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان (أرشيفية - أ.ف.ب)

ولفتت إلى أنها تحذّر من إضاعة الفرصة بإدراج اسم لبنان على لائحة الاهتمام الدولي، وتدعو إلى وقف الحوادث التي تتعرض لها «يونيفيل» في جنوب الليطاني، التي من شأنها أن تعيق المهمة الموكلة إليها بمؤازرتها للجيش اللبناني للانتشار، على أن يُستكمل حتى الحدود الدولية بانسحاب إسرائيل من البلدات التي ما زالت تخضع لسيطرتها.

ونقلت المصادر عن لسان معظم السفراء الأجانب والعرب الذين هم في عداد أصدقاء لبنان قولهم إنه آن الأوان لـ«حزب الله» للتكيف مع التحولات التي شهدتها المنطقة ولبنان، وقالت إن مواقف بعض مسؤوليه لا تخدم وقوف الحزب وراء الدولة في خيارها الدبلوماسي للضغط على إسرائيل للانسحاب من الجنوب، وهي تأتي في سياق لزوم ما لا يلزم ولا تُصرف سياسياً.

وأكدت نقلاً عن السفراء أن قول أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، بأن المقاومة مستمرة، وتمكنت من أن تستعيد تدريجياً قوتها، يجافي الحقيقة، وقالت إنه لا يمت إلى الواقع بصلة ولا يأخذ بالتحولات في لبنان. وسألت أين تكمن المصلحة في تهديد عضو المجلس السياسي في الحزب محمود قماطي بقطع اليد التي تمتد إلى سلاحه؟ وهل يخدم بموقفه الشعبوي وقوفه وراء الدولة في خيارها الدبلوماسي؟ وأين يُصرف تهديده عربياً ودولياً بافتقاد الحزب لأي تأييد سواء في الداخل أو في الخارج، بإصراره على المكابرة وإنكاره الوضع المستجد في لبنان على خلفية سوء تقديره لرد إسرائيل على إسناده لغزة، وإقحامه في مواجهة مكلفة له وللبنان؟

الرئيس نواف سلام مستقبلاً وفداً من نواب «حزب الله» في السراي (أرشيفية)

قرار شجاع

ودعت المصادر، نقلاً عن السفراء، «حزب الله» لاتخاذ قرار شجاع بعيداً عن المزايدات الشعبوية يقتصر على تسليمه بلا شروط مسبقة لسلاحه؛ إفساحاً في المجال أمام فتح نافذة يعمل لبنان على توسيعها للحصول على المساعدات للبدء بورشة الإعمار؛ لأن من دون تسليمه فعلاً بحصرية السلاح لن تكون المساعدات في متناول اليد. وقالت إن الحزب يوحي وكأنه في حاجة إلى مقايضة سلاحه بالإعمار على أن يتصدر أولويات المرحلة الراهنة لاستيعاب حاضنته الشعبية والالتفات إلى وضعه الداخلي للعمل على ترميمه، وصولاً لتلبيته احتياجات العائلات المنكوبة التي لن يكون في وسعه تأمينها إلا في انخراطه بمشروع الدولة في ظل الحصار المالي المفروض عليه.

ورأت أنه لم يعد أمام الحزب من خيار سوى التصالح مع جمهوره، ومن خلاله اللبنانيون أجمع، وسألت: ألم يحن الأوان ليتوجه إلى شركائه في الوطن بخطاب سياسي هادئ ومسؤول ولو من موقع الاختلاف لطي صفحة الماضي، خصوصاً وأنه يقف أمام مشكلة مصدرها عدم التوصل إلى رؤية موحدة في مقاربة مسؤوليه للمرحلة السياسية الجديدة؟

لوقف حملات التحريض على «يونيفيل»

وبالنسبة إلى موقف هؤلاء السفراء من التجديد لـ«يونيفيل»، أكدت المصادر أنهم يدعون في لقاءاتهم إلى وقف حملات التحريض التي تستهدف القوات الدولية، ويحذّرون من ارتفاع منسوب المضايقة والتعرض لعناصرها مع اقتراب موعد التجديد لها، خصوصاً وأنهم لا يحمّلون المسؤولية لعناصر غير منضبطة ولا يأخذونها على محمل الجد، ويغمزون من قناة «حزب الله»؛ كون هذه المضايقات أخذت تتسع مع دورها إلى جانب الجيش في كشفها على المواقع التي يختزن فيها الحزب سلاحه للتأكد من خلوها منه.

دورية للجيش اللبناني في الجنوب (مديرية التوجيه)

ونقلت عنهم تمسكهم ببقاء «يونيفيل» في الجنوب بمؤازرتها للجيش؛ لأن لا غنى عن دورها لتطبيق القرار 1701 بانسحاب إسرائيل وتمكين الدولة من بسط سيادتها على أراضيها كافة، وتحذيرهم من أن استمرار التعرض لدورياتها سينعكس حكماً على مداولات مجلس الأمن الدولي، في ضوء البيان الذي تعده الأمانة العامة للأمم المتحدة لدى طرح التجديد لها، وهذا سيرتد سلباً على لبنان. وتسأل: كيف سيكون رد فعل أعضاء مجلس الأمن لدى عرض مشاهد موثقة ومصوّرة لمسلسل الحوادث التي تتعرض لها؟ وهل يمكن حينذاك القفز فوق المطالبة بتعديل مهامها بما يسمح لها بالتحرك بمواكبة الجيش أو من دونه، وهذا ما ستركز عليه واشنطن برفض التجديد ما لم تُطلق يدها بحرية التحرك في جنوب الليطاني للتأكد من أن المنطقة خالية من أي سلاح غير شرعي؟

وتسأل أيضاً: أين تكمن مصلحة لبنان في التحريض على «يونيفيل» الذي يكاد يكون يومياً، كما يحصل الآن، ومن يملأ الفراغ في حال الاستغناء عن خدماتها؟ وهل للبنان مصلحة بأن يطيح بأعلى مرجعية دولية تتمثل بالأمم المتحدة، من خلال «يونيفيل»، التي تبقى الشاهد الوحيد للضغط على إسرائيل تطبيقاً لـ1701؟ أم أن لبنان سيبقى وحيداً معزولاً دولياً بدلاً من أن يحافظ على أصدقائه لتحرير الجنوب بمؤازرة دولية؟

وهنا، يحذّر السفراء من اللعب بالنار بالتعرض لـ«يونيفيل» بذريعة أنها تتجاوز مهامها بدخولها الأملاك الخاصة، واضطرار الجيش إلى فض الإشكالات، مع أنها، من وجهة نظرهم، منظمة بامتياز، وهم يراهنون على دور الرئيس نبيه بري بالتدخل لوضع حد للمضايقات، خصوصاً وأنه يدعو باستمرار للوقوف إلى جانبها أكانت ظالمة أو مظلومة.


مقالات ذات صلة

مطار بيروت يعمل ضمن «جدول طارئ»

المشرق العربي ركاب عالقون في مطار بيروت بعد إلغاء رحلاتهم الجوية (د.ب.أ)

مطار بيروت يعمل ضمن «جدول طارئ»

بدأ مطار رفيق الحريري في بيروت العمل ضمن «جدول طارئ» لتخطي الأزمة التي ترتبت على إلغاء عدد من شركات الطيران العربية والعالمية رحلاتها إلى لبنان.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي ملصق بمخيم «شاتيلا» للاجئين الفلسطينيين في بيروت يظهر أحد مقاتلي «حماس»... (أ.ف.ب)

ما علاقة الحرب الإسرائيلية - الإيرانية بالسلاح الفلسطيني في لبنان؟

الجهات الفلسطينية المعنية في لبنان لم تُبلّغ حتى الساعة بأي تعليمات بخصوص تسليم السلاح الموجود في أي مخيم خلال الأيام المقبلة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي دورية لقوة «اليونيفيل» قرب الخط الأزرق في بلدة العديسة بجنوب لبنان (صور الأمم المتحدة)

إجراءات أمنية - استخبارية للجيش اللبناني لمنع هجمات «تزج البلاد في الحرب»

في وقت يسود الترقب في لبنان من أي تداعيات للمواجهات بين طهران وتل أبيب، لم تتوقف الانتهاكات الإسرائيلية عند الحدود الجنوبية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم (رويترز)

«حزب الله» أمام اختبار تجنيبه لبنانَ المواجهة الإيرانية - الإسرائيلية

الهم السياسي لحلفاء وخصوم «حزب الله» على السواء، يكمن في مراقبة سلوكه ورد فعله في حال تصاعدت وتيرة الحرب المشتعلة بين إيران وإسرائيل

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي مسافرون ينتظرون في قاعة مطار رفيق الحريري الدولي بعد التأخر في مواعيد الرحلات (د.ب.أ)

لبنان تحت خطر استخدام أجوائه للصواريخ الإيرانية والتصدّي الإسرائيلي

لم يكن لبنان بمنأى عن المواجهات الإسرائيلية - الإيرانية، فالأجواء اللبنانية كانت مسرحاً للصواريخ والمسيرات الإيرانية التي عبرتها طيلة ليل الجمعة - السبت.

يوسف دياب (بيروت)

سوريا على مسافة عداء واحدة من خصمين متحاربين

ضباط أمن تابعون لوزارة الداخلية السورية يتفقدون بقايا طائرة مسيّرة سقطت في الحقول الشمالية لمدينة جاسم قرب درعا جنوب غربي سوريا السبت (أ.ف.ب)
ضباط أمن تابعون لوزارة الداخلية السورية يتفقدون بقايا طائرة مسيّرة سقطت في الحقول الشمالية لمدينة جاسم قرب درعا جنوب غربي سوريا السبت (أ.ف.ب)
TT

سوريا على مسافة عداء واحدة من خصمين متحاربين

ضباط أمن تابعون لوزارة الداخلية السورية يتفقدون بقايا طائرة مسيّرة سقطت في الحقول الشمالية لمدينة جاسم قرب درعا جنوب غربي سوريا السبت (أ.ف.ب)
ضباط أمن تابعون لوزارة الداخلية السورية يتفقدون بقايا طائرة مسيّرة سقطت في الحقول الشمالية لمدينة جاسم قرب درعا جنوب غربي سوريا السبت (أ.ف.ب)

تشير المعطيات إلى أن دمشق ليست في وارد الانخراط بأي نزاع، فهي على مسافة عداء واحدة مع إيران وإسرائيل. وقالت مصادر قريبة من الحكومة السورية لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع السوري الهش وأولويات إعادة بناء الدولة لا يحتملان تصدير مواقف غير محسوبة بين خصمين كلاهما ساهم بتدمير سوريا».

ورغم ذلك، بدت تأثيرات الحرب الإسرائيلية - الإيرانية واضحةً من بقايا الصواريخ والمسيّرات الإيرانية التي سقطت في جنوب البلاد بعد اعتراضها من قبل الصواريخ الإسرائيلية في الأجواء السورية.

في الأثناء، تمكَّنت القوات الأميركية في شمال شرقي سوريا من إسقاط صواريخ إيرانية استهدفت قواعدها المنتشرة في المنطقة، وسط تحليق مكثف للطيران الحربي فوق أجواء تمركز قواتها والمناطق المتاخمة للحدود العراقية، تحسباً لأي هجمات أو ردود فعل انتقامية تقوم بها ميليشيات مرتبطة بـ«الحرس الثوري» الإيراني منتشرة في الجانب العراقي.