الخريف: السعودية أكبر دولة تُصدّر السيارات دون تصنيع محلي

وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي متحدثاً في مؤتمر قطر الاقتصادي (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي متحدثاً في مؤتمر قطر الاقتصادي (الشرق الأوسط)
TT

الخريف: السعودية أكبر دولة تُصدّر السيارات دون تصنيع محلي

وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي متحدثاً في مؤتمر قطر الاقتصادي (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي متحدثاً في مؤتمر قطر الاقتصادي (الشرق الأوسط)

أكد وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريّف، أن المملكة تُعد الدولة الكبرى التي تصدّر السيارات دون أن يكون لديها تصنيع محلي، كما أنها تراهن على المركبات الكهربائية بما يعكس الرؤية المستقبلية للقطاع.

وأشار الوزير، خلال مشاركته في جلسة حوارية ضمن منتدى قطر الاقتصادي، يوم الثلاثاء، إلى أن التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، واللوجيستيات، تتطلب بنية تحتية متقدمة واتصالاً قوياً، مؤكداً أن الحكومة تعمل على توفير هذه البنية، وسن الأنظمة المناسبة، ومعالجة مخاوف الأمن السيبراني.

وأضاف أن تحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في هذه التقنيات يتطلب معالجة قضاياه المرتبطة بالخصوصية والأمان وسرعة التكيف، مشدداً على أن دور الحكومة اليوم أصبح متكاملاً في تطوير البنية التحتية، وتنمية رأس المال البشري، وصياغة السياسات.

وأكد الخريّف أن المملكة أصبحت محل اهتمام المستثمرين العالميين، لافتاً إلى أن عام 2024 سجل قفزة قياسية في الصادرات غير النفطية، حيث ارتفعت مساهمتها من 16 في المائة إلى 25 في المائة من الناتج المحلي. كما نمت الصادرات غير النفطية وغير البتروكيميائية بنسبة 9 في المائة.

واعتبر الوزير أن هذه الأرقام تعكس الأثر الإيجابي للاستثمار السليم، والسياسات الفعالة، والتفاعل الإيجابي مع القطاع الخاص، مشيراً إلى أن هذه الجهود بدأت تؤتي ثمارها.

تقليص مدة إصدار التراخيص

وبيّن الخريّف أن تنويع الاقتصاد يعد أحد المفاتيح الرئيسية في «رؤية 2030»، مشيراً إلى أن قطاعي التعدين والصناعة يمثلان مجالات واعدة تتيح فرصاً كبيرة لتحقيق هذا الهدف.

وأوضح أن المملكة حققت خلال السنوات السبع أو الثماني الماضية منذ إطلاق الرؤية تقدماً متسقاً في بناء المبادرات وتنفيذها، مشدداً على أن النتائج الملموسة باتت حاضرة على أرض الواقع.

وقال الخريّف: «نحن في السعودية نتقن فن التنفيذ»، مبيناً أن التنفيذ يتطلب مهارات تختلف عن إعداد الخطط، التي تعتمد على العلم والمنهج، بينما يقوم التنفيذ على إظهار الجدية أمام جميع أصحاب المصلحة، خصوصاً في القطاع الصناعي.

وأضاف أن مجرد اتخاذ قرار بجعل الصناعة محوراً للاقتصاد لا يكفي، بل يجب أن يصاحبه انخراط فعلي من القطاع الخاص واستعداد للاستثمار، مشيراً إلى أن التعدين يُعد مثالاً واضحاً على ذلك، حيث يتطلب معالجة التحديات والمخاوف التي يطرحها المستثمرون.

وتطرّق الوزير إلى ما تحقق في قطاع التعدين، مبيناً أن وفرة الموارد ليست وحدها العامل الحاسم، بل إن الإطار التنظيمي الفعّال هو ما أطلق الإمكانات الحقيقية للقطاع. ولفت إلى أن المملكة قدمت أحد أفضل أنظمة الاستثمار التعديني في العالم، وهو ما انعكس على تسريع الإجراءات، حيث تم تقليص مدة الحصول على التراخيص من متوسط عالمي يتراوح بين ثلاث وخمس سنوات إلى ستة أشهر فقط.

تعزيز المرونة

وأوضح الخريّف أن القطاعات التي تستهدفها المملكة، سواء في التعدين أو الصناعة، تسهم في معالجة تحديات عالمية كبرى، لا سيما في سلاسل الإمداد. وأكد أن العالم يواجه سباقاً مع الزمن لضمان توفر كميات كافية من المعادن، لمواكبة الطلب في مجالات التحول في الطاقة، والأتمتة، والتقنية، والدفاع.

وبيّن أن المملكة أنشأت مؤتمر التعدين الدولي ليكون منصة تجمع الجهات الحكومية والخاصة، والمؤسسات المالية، والأوساط الأكاديمية، ومزودي التقنية، لبحث سبل تسريع الاستكشاف والتكرير وضمان الاستثمارات وتشغيل الأصول وتكامل سلاسل الإمداد.

وأشار إلى أن أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى تمتلك نحو 33 في المائة من الاحتياطيات العالمية من المعادن، لكنها تساهم فقط بـ6 في المائة من الإنتاج، وهو ما يشكل فجوة ضخمة. وتسعى المملكة عبر هذا المنتدى إلى تعزيز الحوار بين الحكومات لتفعيل الاستفادة من هذه الموارد.

وفيما يخص التوطين، أوضح الوزير أن استراتيجية المملكة لا تركز فقط على تعزيز المرونة والأمن الوطني، وإنما تهدف إلى خلق قيمة مضافة في التصنيع، مشيراً إلى أن التقنيات الحديثة جعلت حجم الإنتاج أقل أهمية، بينما ازدادت أهمية الجودة والتخصص.

وأكد أن القطاعات التي تبنيها المملكة، سواء في التعدين أو التصنيع، تعتمد على تقنيات متقدمة، وتهدف إلى توفير وظائف نوعية للمواطنين، لتلبية احتياجات السوقين المحلية والعالمية في آن واحد.


مقالات ذات صلة

انخفاض صادرات ألمانيا من الحديد والصلب إلى أميركا

الاقتصاد مصنع للصلب تابع لشركة «زالتسغيتر» الألمانية (رويترز)

انخفاض صادرات ألمانيا من الحديد والصلب إلى أميركا

تراجعت الصادرات الألمانية من الحديد والصلب والألمنيوم إلى الولايات المتحدة بسبب الرسوم الجمركية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد أحد مقارّ «المراعي» السعودية (موقع الشركة)

«المراعي» السعودية تستحوذ على «المشروبات النقية» مقابل 266 مليون دولار

وقّعت شركة «المراعي» السعودية اتفاقية استحواذ على 100 في المائة من أسهم شركة «المشروبات النقية للصناعة»، بقيمة استحواذ تقدر بنحو مليار ريال (266.7 مليون دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد شعار شركة «يو إس ستيل» لإنتاج الصلب على مقرها بمدينة بيتسبرغ الأميركية (أ.ب)

ترمب يوافق على استحواذ «نيبون ستيل» اليابانية على «يو إس ستيل» بـ14.9 مليار دولار

وافق الرئيس الأميركي دونالد ترمب على عرض شركة «نيبون ستيل» اليابانية لشراء «يو إس ستيل» الأميركية، بقيمة 14.9 مليار دولار، منهياً بذلك مفاوضات استمرت 18 شهراً

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد شعار شركة «تي إم إس سي» (أ.ف.ب)

رقم قياسي لصادرات تايوان بفضل الطلب على الذكاء الاصطناعي

ارتفعت صادرات تايوان إلى مستوى قياسي في مايو (أيار) بفضل الطلب المتزايد على الذكاء الاصطناعي، ومع إقبال العملاء على تقديم طلباتهم قبل تطبيق الرسوم الجمركية.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
الاقتصاد سفينة حاويات تُفرغ حمولتها في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)

تراجع الصادرات الألمانية في أبريل بسبب رسوم ترمب الجمركية

تراجعت الصادرات الألمانية في أبريل الماضي، متأثرة بالرسوم الجمركية الأميركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب على معظم دول العالم.

«الشرق الأوسط» (برلين)

صندوق النقد الدولي: أوروبا متماسكة اقتصادياً... لكن التحديات تتفاقم

شعار صندوق النقد الدولي يظهر خارج مقرّه الرئيس في واشنطن (رويترز)
شعار صندوق النقد الدولي يظهر خارج مقرّه الرئيس في واشنطن (رويترز)
TT

صندوق النقد الدولي: أوروبا متماسكة اقتصادياً... لكن التحديات تتفاقم

شعار صندوق النقد الدولي يظهر خارج مقرّه الرئيس في واشنطن (رويترز)
شعار صندوق النقد الدولي يظهر خارج مقرّه الرئيس في واشنطن (رويترز)

قال صندوق النقد الدولي إن اقتصادات أوروبا لا تزال تُبدي قدراً كبيراً من التماسك، في ظل تسجيل معدلات بطالة منخفضة بشكل غير مسبوق، واقتراب معدل التضخم العام من المستوى المستهدف، إلى جانب استقرار النظام المالي.

ومع ذلك، أعرب الصندوق عن قلقه من أن صناع السياسات يواجهون جملة من التحديات المتصاعدة، أبرزها تصاعد الرسوم الجمركية، وتنامي حالة عدم اليقين المرتبطة بالسياسات التجارية، إضافة إلى تفاقم المخاطر الجيوسياسية، والحاجة المُلحة إلى تعزيز أمن الطاقة. وتتزامن هذه التحديات مع ضغوط هيكلية تتمثل في تباطؤ نمو الإنتاجية وتسارع وتيرة الشيخوخة السكانية.

وفي البيان الختامي لبعثة موظفي الصندوق لعام 2025 بشأن السياسات المشتركة للدول الأعضاء، حذَّر الصندوق من أن هذه العوامل مجتمعة تقوض الطلب المحلي والصادرات، وتطغى على المكاسب المتوقعة من زيادة الإنفاق الدفاعي ومشروعات البنية التحتية.

وأشار البيان إلى ما ورد في تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» الصادر في أبريل (نيسان)، والذي توقّع أن يظل النمو الاقتصادي في منطقة اليورو عند وتيرة معتدلة تبلغ 0.8 في المائة خلال عام 2025، مع إمكانية تسارعه إلى 1.2 في المائة في عام 2026.

كما لفت إلى أن التضخم العام يقترب من هدف 2 في المائة، مدعوماً بانخفاض أسعار الطاقة والسلع الأساسية، في حين يُتوقع أن ينخفض التضخم الأساسي إلى 2 في المائة بحلول عام 2026، لكن بوتيرة أبطأ. ومع ذلك، تبقى التوقعات عرضة لمخاطر مزدوجة: فمن جهة، قد يؤدي ضعف النشاط وتباطؤ الأجور إلى تضخم أقل من المتوقع، ومن جهة أخرى، قد تسهم التوترات الجيوسياسية وارتفاع الرسوم والإنفاق الحكومي في إعادة إشعال الضغوط التضخمية.

متسوق يدفع بورقة نقدية من فئة 10 يوروات في سوق محلية بمدينة نانت - فرنسا (رويترز)

أما على المدى المتوسط، فتُثقل القيود الهيكلية التوقعات الاقتصادية، لا سيما في ظل الشيخوخة السكانية، وضعف الإنتاجية، ونقص المهارات. ويؤكد الصندوق أن مواجهة هذه التحديات تتطلب استراتيجية أوروبية متكاملة لتعزيز النمو المستدام، ودعم الاستقرار المالي، دون المساس بالاستدامة المالية.

وفي هذا الإطار، أوصى الصندوق بأربع أولويات لتسريع استكمال السوق الموحدة. أولاً، خفض التجزؤ التنظيمي عبر نظام «الدولة الثامنة والعشرين»، الذي يوفر إطاراً موحداً لتأسيس الشركات وتشغيلها وحلها. ثانياً، تسريع اتحاد أسواق رأس المال واستكمال اتحاد البنوك، بما يسهل توجيه المدخرات نحو استثمارات محفوفة بالمخاطر تدعم الابتكار والنمو. ثالثاً، تعزيز التنقل العمالي الأوروبي لتسهيل مواءمة المهارات مع احتياجات السوق. ورابعاً، تحقيق تكامل سوق الطاقة لتوفير طاقة أرخص وأكثر استقراراً؛ ما قد يرفع الناتج المحتمل بنسبة تصل إلى 3 في المائة خلال عقد.

كما لفت الصندوق إلى أهمية اليورو الرقمي في دعم السيادة النقدية وتعزيز التكامل المالي داخل السوق الأوروبية، من خلال تحسين كفاءة المدفوعات وخفض التكاليف. لكنه شدد أيضاً على أن تعميق التكامل الأوروبي وحده لا يكفي، بل يجب أن يُستكمل بإصلاحات وطنية في سوق العمل، والسياسات الضريبية، وتنمية رأس المال البشري، لتحفيز النمو ورفع الإنتاجية.

عملات معدنية من فئة 2 يورو (رويترز)

وفيما يخص السياسة المالية، تختلف الاحتياجات بين الدول الأوروبية. ففي حين تحتاج الدول ذات الدين المرتفع إلى ضبط مالي أكبر، يمكن للدول ذات الهوامش المالية الأوسع اتباع نهج أكثر تدرجاً. ويوصي الصندوق دول منطقة اليورو، باستثناء ألمانيا، بتحقيق فائض أولي هيكلي بنسبة 1.4 في المائة من الناتج بحلول 2030؛ ما يتطلب تقليصاً إضافياً للعجز بنحو نقطتين مئويتين مقارنة بالخط الأساسي. ويأتي ذلك وسط ضغوط إنفاق متزايدة تشمل تكاليف الفوائد، والشيخوخة، وتحول الطاقة، والدفاع، ويتوقع أن تصل إلى 4.4 في المائة من الناتج سنوياً بحلول 2050.

ولمواجهة هذه الضغوط، يوصي الصندوق بالاستخدام المحدود لبنود الاستثناء في مراحل الإنفاق الدفاعي الأولى فقط، مع ضرورة تطوير خطط متوسطة الأجل لضمان استقرار الدين العام. كما دعا إلى إصلاح قواعد المالية الأوروبية لتمكين الدول منخفضة المخاطر من الاستثمار في النمو، دون أن تتقيد بقيود تعيق قدرتها على الاستجابة للاحتياجات التنموية.

وفي سياق متصل، يرى الصندوق أن الاستثمار المشترك والمنسق على مستوى الاتحاد الأوروبي هو السبيل الأمثل لمواجهة التحديات الكبرى. وتقدّر تحليلاته أن التنسيق في مشروعات الطاقة النظيفة وحدها يمكن أن يقلل التكاليف بنسبة 7 في المائة. كما دعا إلى زيادة موازنة الاتحاد الأوروبي بما لا يقل عن 50 في المائة لمواكبة الطلب المتزايد على الاستثمارات المشتركة، وتمويلها عبر توسيع القدرة على الاقتراض وزيادة الموارد الذاتية، وربط التمويل بأداء الدول في تنفيذ الإصلاحات.

وعلى صعيد السياسة النقدية، يرى الصندوق أن الإبقاء على سعر الفائدة عند 2 في المائة حالياً ملائم في ظل استقرار التضخم، مع ضرورة المرونة في التعديل حال ظهور صدمات جديدة. وفيما يخص الاستقرار المالي، أكد أن النظام المصرفي الأوروبي يتمتع بمتانة عامة، لكن هناك تصاعداً في المخاطر من المؤسسات المالية غير المصرفية؛ ما يستدعي رقابة أشد وتطوير إطار لدعم السيولة في هذا القطاع.

أخيراً، شدد الصندوق على أهمية استكمال اتحاد البنوك، بما يشمل نظام تأمين ودائع مشترك، وتعزيز صلاحيات الجهات الرقابية، وتطبيق معايير «بازل 3» بالكامل، لإنشاء نظام مالي أوروبي أكثر تكاملاً ومرونة.