توتر إقليمي يُضعف الأصول... هبوط سندات إسرائيل ومصر وباكستان

باكستانيون في بيشاور يشاهدون قناة إخبارية تبث تقريراً عن الهجمات الإسرائيلية على إيران (أ.ب)
باكستانيون في بيشاور يشاهدون قناة إخبارية تبث تقريراً عن الهجمات الإسرائيلية على إيران (أ.ب)
TT

توتر إقليمي يُضعف الأصول... هبوط سندات إسرائيل ومصر وباكستان

باكستانيون في بيشاور يشاهدون قناة إخبارية تبث تقريراً عن الهجمات الإسرائيلية على إيران (أ.ب)
باكستانيون في بيشاور يشاهدون قناة إخبارية تبث تقريراً عن الهجمات الإسرائيلية على إيران (أ.ب)

شهدت الأسواق المالية تراجعاً ملحوظاً يوم الجمعة، حيث انخفضت السندات المقومة بالدولار لكل من إسرائيل ومصر وباكستان، إلى جانب تراجع حاد في قيمة الشيقل الإسرائيلي، وذلك عقب الغارات الجوية الإسرائيلية على إيران.

وفقد الشيقل الإسرائيلي 2 في المائة من قيمته بحلول الساعة 07:13 (بتوقيت غرينتش)، ليصل إلى 3.63 شيقل مقابل الدولار، بعدما لامس أدنى مستوى له في سبعة أسابيع عند 6.793 خلال تعاملات الليل، وفق «رويترز».

وتراجعت سندات إسرائيل المستحقة في عام 2140 بمقدار 1.45 سنت، لتسجل 65.61 سنت للدولار. كما انخفضت سندات مصر المستحقة في عام 2049 بنحو سنتين، لتسجل 77.36 سنت، في حين هبطت سندات باكستان المستحقة في 2031 بأكثر من سنت واحد، إلى 78.61 سنت.

وكانت إسرائيل قد شنت ضربات جوية موسعة على إيران في وقت سابق من يوم الجمعة، في مستهل عملية عسكرية تهدف إلى منع طهران من تطوير سلاح نووي. ورداً على ذلك، أطلقت إيران نحو 100 طائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (رويترز)

آمال خفض الفائدة تتلاشى... والمستثمرون يفرّون من السندات الأميركية الطويلة

يتجه مستثمرو السندات، الذين يتوقعون أن يبقي مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة ثابتة هذا الأسبوع، إلى الابتعاد عن سندات الخزانة طويلة الأجل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة اليورو (رويترز)

ارتفاع عوائد سندات اليورو مع تصاعد المخاوف التضخمية بسبب أسعار النفط

شهدت عوائد سندات حكومات منطقة اليورو ارتفاعاً يوم الاثنين، وسط تركيز المستثمرين المتزايد على الأثر التضخمي المحتمل لارتفاع أسعار النفط.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رجل يسير أمام مقر بنك اليابان المركزي في وسط العاصمة طوكيو (رويترز)

بنك اليابان يدرس خفض مشترياته من السندات الحكومية إلى النصف

يدرس بنك اليابان المركزي، خفض مشترياته الفصلية من سندات الحكومة اليابانية إلى النصف لتصل إلى 200 مليار ين (1.4 مليار دولار) اعتباراً من أبريل 2026.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

تراجع عوائد سندات الخزانة الأميركية بعد الضربات الإسرائيلية على إيران

تراجعت عوائد سندات الخزانة الأميركية، يوم الجمعة، في ظل موجة عالمية من الإقبال على أصول الملاذ الآمن عقب الغارات الجوية الإسرائيلية على إيران.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

التصعيد بين إسرائيل وإيران: ما مصير أسواق الذهب والنفط؟

الدخان يتصاعد من منشأة لتخزين النفط يبدو أنها تعرضت لضربة إسرائيلية يوم السبت (أ.ب)
الدخان يتصاعد من منشأة لتخزين النفط يبدو أنها تعرضت لضربة إسرائيلية يوم السبت (أ.ب)
TT

التصعيد بين إسرائيل وإيران: ما مصير أسواق الذهب والنفط؟

الدخان يتصاعد من منشأة لتخزين النفط يبدو أنها تعرضت لضربة إسرائيلية يوم السبت (أ.ب)
الدخان يتصاعد من منشأة لتخزين النفط يبدو أنها تعرضت لضربة إسرائيلية يوم السبت (أ.ب)

أدخل الصراع المتصاعد بين إسرائيل وإيران أسواق الطاقة والمعادن الثمينة إلى قلب المواجهة، دافعاً بأسعار النفط نحو الارتفاع وعزز مكانة الذهب بصفته أبرز ملاذ آمن.

ففي منطقة الشرق الأوسط التي تعدّ عصب إمدادات الطاقة العالمية، انتقلت المواجهة من حرب الظل إلى تبادل الضربات المباشرة، مثيرة قلقاً واسعاً في الأسواق المالية العالمية حول مصير أسواق الذهب والنفط. السؤال الأهم الآن: هل ستصبح هاتان السلعتان مصدراً للمخاطر والملاذ الآمن في آن واحد؟ وكيف سيتفاعل المستثمرون مع هذا المشهد المتقلب؟

مواجهة إسرائيل وإيران وإمدادات النفط

يمثل قرار إسرائيل شن هجوم على البنية التحتية للطاقة في إيران، واستهداف محطتين لمعالجة الغاز على الأقل ومستودعين للوقود، مقامرة عالية المخاطر زادت من التوتر في أسواق الطاقة العالمية، ودفعت بأسعار النفط إلى تقلبات حادة.

هذه الهجمات عززت القفزات التي بدأ النفط يسجلها مع بدء الهجوم الإسرائيلي يوم الجمعة، والتي استتبعها يوم الاثنين بارتفاع جديد لخام برنت بنسبة 5.5 في المائة ليصل إلى أكثر من 78 دولاراً للبرميل، وهو مستوى لم يُسجَّل منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، قبل أن يتخلى عن بعض هذه المكاسب ليتداول عند سعر يزيد قليلاً على 74 دولاراً.

أفراد الطوارئ يعملون في موقع الاصطدام بعد هجوم صاروخي من إيران على إسرائيل (رويترز)

ويُشير محللون إلى أن السوق تركز بشكل خاص على البنية التحتية للطاقة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وعلى مضيق هرمز نفسه. هذا الممر المائي الضيق يعدّ شرياناً حيوياً، حيث تُصدّر عبره إيران ودول المنطقة نحو ثلث النفط والغاز المنقول بحراً في العالم. أي اضطراب في هذه المنطقة، التي تعدّ قلب إنتاج النفط والغاز العالميين، يؤثر بشكل مباشر على الإمدادات والأسعار.

توقعات كبرى المؤسسات المالية تعكس هذا القلق. فقد أعلنت شركة «بي إم بي سوليوشن» التابعة لمؤسسة «فيتش» يوم الاثنين أنه في حال اختارت إيران توسيع نطاق هجماتها على الأصول الأميركية في المنطقة، سترتفع أسعار النفط أولاً إلى ما بين 75 و100 دولار للبرميل؛ نظراً إلى ارتفاع أقساط المخاطر، ثم تنتقل إلى نطاق 100 - 150 دولاراً للبرميل في حال إغلاق مضيق هرمز.

وقدّرت أن تخفّض أسعار النفط التي تتراوح بين 75 و100 دولار للبرميل، النمو العالمي بنحو 0.08 نقطة مئوية، وأن ترفع متوسط ​​معدل التضخم بمقدار 0.49 نقطة مئوية. وبالمثل، فإن الأسعار التي تتراوح بين 100 و150 دولاراً للبرميل ستخفض النمو العالمي بمقدار 0.23 نقطة مئوية، وسترفع متوسط ​​التضخم العالمي بمقدار 1.34 نقطة مئوية.

من جهته، رأى بنك «جي بي مورغان تشيس» أن أسعار النفط قد تصعد إلى 130 دولاراً للبرميل في حال استمرار الصراع بين إسرائيل وإيران، بينما توقعت شركة «آي إن جي بارنغز» أن تتضاعف أسعار النفط لتصل إلى 150 دولاراً للبرميل في وقت لاحق من عام 2025 في هذه الحالة. كما يؤثر ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين البحري بشكل كبير على الأسعار النهائية للنفط؛ ما يزيد من أعباء المستوردين.

وفي هذا الإطار، أكد المهندس أمين الناصر، الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو السعودية»، يوم الاثنين، أن «أهمية النفط والغاز لا يمكن التقليل منها، خصوصاً في أوقات الصراعات - وهو ما نشهده حالياً». وأضاف: «لأن وقائع التاريخ أثبتت لنا أنه عند نشوب الصراعات، لا يُمكن التقليل من أهمية النفط الخام والغاز. ونحن نشهد ذلك في الوقت الراهن، في ظل استمرار التهديدات لأمن الطاقة وتسببها في قلق على الصعيد العالمي... ويخبرنا التاريخ أيضاً أن مصادر الطاقة الجديدة لا تحل محل التقليدية، بل تُضيف إلى مزيج الطاقة».

من جانبه، حذّر رئيس البنك الفيدرالي الألماني يواخيم ناغل، يوم الاثنين، من مخاطر «صدمة نفطية» قد تتسبب في «ارتفاع شديد في (أسعار) النفط» و«تنسف توقّعاتنا» في مجال التضخم والنموّ.

هل إغلاق مضيق هرمز وارد؟

ومع تضرر قطاع الطاقة الإيراني، وتهديدات رسمية بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي لمرور شاحنات النفط والغاز، يقلل موقع «تانكر تراكرز» المتخصص في متابعة ناقلات النفط احتمالات إغلاق المضيق، واصفاً إياها بأنها «ضئيلة»، مع وصول صادرات نفط إيران لنحو مليونَي برميل يومياً، في آخر أسبوعين قبل الحرب.

يمر عبر مضيق هرمز ما يقرب من 90 في المائة من صادرات نفط الخليج العربي عبر مضيق هرمز. وقد نقلت ناقلات النفط ما يقدر بنحو 20 مليون برميل يومياً عبر هذا الممر في عام 2022، ما يمثل ما يقرب من خُمس شحنات النفط العالمية. كما يمر عبره ما نسبته 20 في المائة من الغاز الطبيعي السائل.

ويقول توشيتاكا تازاوا، المحلل في «فوجيتومي» للأوراق المالية، إن «الأسواق تراقب احتمال حدوث اضطرابات في إنتاج النفط الإيراني... وقد تؤدي زيادة المخاوف من غلق مضيق هرمز إلى ارتفاع حاد في الأسعار».

من جهتها، الهند ثالث أكبر مستهلك للنفط في العالم، أبدت قلقها على لسان وزير نفطها هارديب بوري، الذي قال إن بلاده تراقب إمدادات النفط والوضع الجيوسياسي الناشئ في الشرق الأوسط. مؤكداً أنه سيجتمع بالمديرين التنفيذيين في قطاع الطاقة لتقييم الوضع.

ناقلة نفط تمر عبر مضيق هرمز (أرشيفية - رويترز)

الذهب: ملاذ لا يخبو بريقه

شهدت أسواق الذهب تفاعلاً فورياً مع التصعيد بين إسرائيل وإيران، حيث سجل المعدن الأصفر مكاسب ملحوظة في بداية الأمر، مؤكداً دوره بصفته ملاذاً آمناً بامتياز في أوقات الأزمات الجيوسياسية. فعقب الهجمات، ارتفع الذهب الفوري بنسبة تجاوزت 1 في المائة ليصل إلى مستويات قريبة من 3449 - 3450 دولاراً للأونصة، وهو ما يمثل أعلى سعر وصل إليه بعد الأحداث. كانت هناك مراهنات على وصوله إلى 3500 دولار، بل و3600 دولار في حال تطور الاشتباكات.

كما يبقى الذهب مرساة للاستقرار، خاصة بالنسبة للبنوك المركزية. فقد أظهرت بيانات حديثة أن الذهب تجاوز اليورو العام الماضي ليصبح ثاني أكبر أصول الاحتياطي العالمي بين البنوك المركزية العالمية، بعد موجة شراء قياسية تعكس سعي الدول لتعزيز احتياطياتها وتخفيف الاعتماد على العملات التقليدية، لا سيما الدولار.

يرى ريكاردو إيفانجيليستا، كبير المحللين في شركة «أكتيف تريدس» للوساطة المالية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المكاسب الأولية للذهب جاءت مدفوعة بارتفاع الطلب على الأصول الآمنة، في ظل تدهور المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط، عقب تبادل الهجمات الصاروخية بين إسرائيل وإيران».

عوامل صعودية للذهب

ولفت محللون إلى إن النظرة العامة للذهب تبقى صعودية، مدعومة بعوامل هيكلية عدة، منها:

  • حتى لو لم يتصاعد الصراع الحالي إلى حرب شاملة، فإن منطقة الشرق الأوسط تظل بؤرة للتوترات. عدم اليقين المستمر هذا يدفع المستثمرين والبنوك المركزية إلى الاحتفاظ بالذهب مخزناً للقيمة. وأي تجدد للتصعيد أو انتشار الصراع سيؤدي حتماً إلى قفزات جديدة في أسعار الذهب.
  • مشتريات البنوك المركزية القياسية: واصلت البنوك المركزية مشترياتها الضخمة من الذهب، حيث سجلت 244 طناً في الربع الأول من عام 2025، متجاوزة المتوسط الفصلي لخمس سنوات بنسبة 25 في المائة. مع العلم أن هذا الاتجاه مستمر منذ سنوات، حيث تجاوزت المشتريات 1000 طن سنوياً لمدة ثلاث سنوات متتالية (2022 - 2024). وتعكس هذه المشتريات رغبة في تنويع الاحتياطيات بعيداً عن الدولار، والتحوط ضد المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية المتزايدة. هذه المشتريات الضخمة من قِبل جهات سيادية تضع أرضية قوية لأسعار الذهب.
  • توقعات التضخم والسياسة النقدية: رغم تباطؤ التضخم في بعض الاقتصادات، لا تزال المخاوف التضخمية قائمة، خاصة مع أي اضطراب في سلاسل الإمداد أو ارتفاع في أسعار الطاقة نتيجة للتوترات الجيوسياسية. كما تقلل توقعات خفض أسعار الفائدة من قِبل البنوك المركزية الكبرى، لا سيما الاحتياطي الفيدرالي من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب الذي لا يدر عائداً؛ ما يجعله أكثر جاذبية.
  • الضبابية الاقتصادية العالمية: النمو الاقتصادي العالمي يواجه تحديات، وهناك مخاوف من ركود محتمل في بعض الاقتصادات. في بيئة كهذه، يميل المستثمرون إلى الأصول الآمنة مثل الذهب. كما أن تأثير الصراعات على سلاسل الإمداد وتكاليف الشحن يزيد من حالة عدم اليقين الاقتصادي.

سبائك وعملات ذهبية داخل غرفة صناديق الأمانات في «دار الذهب» بميونيخ الألمانية (رويترز)

أرقام قياسية

يتفق معظم المحللين على أن الذهب قريب من تجاوز أعلى مستوى تاريخي له (الذي وصل تقريباً إلى 3500 دولار للأونصة في أبريل/نيسان 2025). البعض يرى أن 3425 دولاراً يمثل مستوى مقاومة مهماً، واختراقه سيفتح الطريق نحو 3500 دولار وما بعدها.

ويظل كل من «جي بي مورغان» و«يو بي إس» متفائلين، مع توقعات بوصول الذهب إلى 3675 دولاراً للأونصة بحلول الربع الأخير من 2025، وربما 4000 دولار للأونصة بحلول منتصف 2026، مدعوماً بالتحوط ضد الركود التضخمي وتدهور العملات.

متداولون في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

في ظل هذا التوازن الهش، تظل أنظار المتداولين مركّزة على المحادثات التجارية الجارية، والتي تواصل لعب دور محوري في تشكيل التوقعات بشأن الأداء الاقتصادي العالمي. كما تترقب الأسواق باهتمام اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي وقراره المرتقب هذا الأسبوع بشأن أسعار الفائدة. ورغم أن التوقعات تشير إلى الإبقاء على معدلات الفائدة دون تغيير، فإن المستثمرين سيولون اهتماماً خاصاً للبيان المصاحب ووقائع المؤتمر الصحافي الذي سيعقب الاجتماع؛ بحثاً عن إشارات تخص توجهات السياسة النقدية على المدى القريب.