هل يستطيع الهلال عبور دور المجموعات بكأس العالم للأندية؟

خبراء قالوا إن الأزرق السعودي يفتقد الإضافة الفنية لكن تجاربه قد تساعده في المواجهات الصعبة

لاعبو الهلال في مركز التدريبات قبيل مواجهة ريال مدريد (نادي الهلال)
لاعبو الهلال في مركز التدريبات قبيل مواجهة ريال مدريد (نادي الهلال)
TT

هل يستطيع الهلال عبور دور المجموعات بكأس العالم للأندية؟

لاعبو الهلال في مركز التدريبات قبيل مواجهة ريال مدريد (نادي الهلال)
لاعبو الهلال في مركز التدريبات قبيل مواجهة ريال مدريد (نادي الهلال)

بينما تترقب الأنظار مواجهة الهلال السعودي أمام ريال مدريد الأربعاء المقبل في افتتاح مشاركته بكأس العالم للأندية بالولايات المتحدة، تتباين التوقعات حول قدرات «الأزرق» في البطولة، لكن ما لا يختلف عليه كثيرون من الخبراء هو أن الهلال يدخل هذه النسخة محملاً بخبرته وتاريخه ونجومه، وإن كان يفتقد لبعض الإضافات الفنية.

الهلال، الذي لم يرضَ عن موسمه المحلي السابق رغم تتويجه بكأس السوبر، واحتلاله وصافة الدوري السعودي للمحترفين لكرة القدم، يدخل المونديال بثوب جديد يبدأ من على مقعد الجهاز الفني، حيث يتسلم الإيطالي سيموني إنزاغي القيادة خلفاً للبرتغالي خيسوس.

وبينما تبدو المهمة من الوهلة الأولى شديدة الصعوبة، فإن ما يتردد في أوساط الخبراء والنقاد داخل السعودية يؤكد أن الهلال ليس في موقع المتفرج أو المستسلم، بل هو حاضر بإرثه الكبير، وبهيبته التي تعوّد أن يحملها في المحافل الكبرى، وبمزيج من التجربة والموهبة والخبرة التي تجعله رقماً لا يمكن تجاهله، مهما بلغت قوة الخصم.

كانسيلو لا يزال بحاجة لمزيد من الوقت للتعافي (نادي الهلال)

وتبدو هذه المشاركة مختلفة من نواحٍ عدة. الفريق آتٍ من موسم محلي لم يكن في مستوى الطموحات، رغم أنه أنهاه وصيفاً وافتتحه بلقب السوبر. لكن الهلال، بطبعه، لا يقيس الأمور بالألقاب الفردية أو المراكز، بل بحالة الرضا العام عن الأداء، وعن الشكل الفني والذهني الذي يظهر به لاعبوه. ولذلك فإن ما جرى في الموسم الماضي، على الرغم من بعض الإيجابيات، لا يُعد في نظر جماهير النادي وخبرائه سوى مرحلة تراجع، تستدعي التصحيح والعودة بثوب جديد أكثر انضباطاً وثباتاً.

من هذا المنطلق، جاءت الخطوة الفنية الأبرز، والمتمثلة في التعاقد مع المدرب الإيطالي سيموني إنزاغي. هذه الخطوة لم تكن مجرد تغيير على الورق، بل تحمل في طياتها تحولاً جوهرياً في فلسفة الفريق، وتحريكاً لمنظومة باتت بحاجة إلى ضخ فني مختلف يعيد التوازن، لا سيما في المناطق الخلفية التي شكّلت صداعاً مستمراً في المواسم الأخيرة.

ورغم قصر الوقت بين تعيين المدرب وبداية البطولة، يرى المهاجم الدولي السابق حسين العلي أن هذا التغيير قد يكون نقطة البداية الحقيقية للهلال في طريق التصحيح الفني.

يؤكد حسين العلي، أحد الأسماء التي تركت بصمتها، أن الهلال يملك من الخصائص ما يجعله حاضراً في البطولات الكبرى دون ارتباك. «الزعيم»، كما وصفه، لا يتأثر كثيراً بعثرة موسمية، ولا يفقد توازنه حتى حين تنخفض النتائج. هناك، كما يقول «هيبة»، تُفرض حتى في أحلك الظروف، و«ذاكرة انتصارات» لا تغيب طويلاً عن اللاعبين والجماهير.

نيفيز يملك خبرة عريضة أوروبيا (نادي الهلال)

ويرى العلي أن التغيير في الجهاز الفني سيمنح الفريق أفقاً جديداً. إنزاغي، بخبرته الأوروبية، وبنزعته الواضحة إلى التنظيم والانضباط، قادر على تقديم الإضافة الفنية، خصوصاً أن طريقته المعروفة التي تعتمد على ثلاثة مدافعين وخمسة في الوسط ومهاجمين في الأمام، قد تكون مثالية لفريق مثل الهلال، شريطة أن يمتلك الوقت والعناصر المناسبة لتطبيقها. العلي يشير إلى أن الفريق، رغم ضيق الفترة التحضيرية، يملك المقومات اللازمة لبدء عملية التحول، خصوصاً بوجود أسماء خبيرة في الدفاع، مثل كوليبالي والبليهي وتمبكتي، وانضمام لاجامي الذي وإن لم يُتوقع أن يبدأ أساسياً مباشرة، إلا أنه يمثل خياراً مهماً للمستقبل القريب.

وبالحديث عن العناصر الأجنبية، يرى أن الهلال نجح في بناء قاعدة صلبة، بدءاً من ياسين بونو في الحراسة، ومروراً بلاعبين مثل نيفيز وسافيتش وميتروفيتش، وصولاً إلى لودي وكانسيلو، الأخير الذي ما زال يتعافى من الإصابة، ومن غير المتوقع أن يُزج به في جميع دقائق المواجهة الأولى، خصوصاً أمام خصم ثقيل مثل ريال مدريد. ومع ذلك، فإن وجوده في التدريبات مؤشر إيجابي على استعادة التوازن في الخط الخلفي.

إنزاغي لم يكفه الوقت لتدريب الفريق (نادي الهلال)

الحديث عن الهجوم، كما يشير العلي، لا يخلو من التحفظ. فرغم أن ميتروفيتش يمثل رقماً قوياً في المنطقة الأمامية، فإن الاعتماد عليه وحيداً، دون وجود دعم هجومي بديل بالمستوى نفسه، يضع الفريق في موقف حساس، خصوصاً في مباريات عالية الرتم مثل مباريات كأس العالم للأندية. ويرى أن التعاقد مع مهاجم إضافي مثل أوسيمين كان سيشكل فارقاً، لكن الفرصة الآن أصبحت ضيقة، ويبقى على المدرب إدارة ما لديه من أوراق بأفضل صورة.

وفي السياق ذاته، يؤكد سعود الحماد، أحد رموز النادي في حقبة سابقة، أن الهلال لا يدخل هذه البطولة لمجرد المشاركة. هو يدخلها، كما قال: «حاملاً طموح وطن»، مدعوماً بشغف جماهيري ودعم رسمي يجعله في موقع لا يسمح له إلا بالذهاب بعيداً. ويضيف الحماد أن وصافة البطولة في نسخة 2023 منحت الفريق بُعداً عالمياً جديداً، وجعلت سقف الطموحات أعلى، حتى وإن تغيّرت بعض الأسماء والظروف.

سالم الدوسري الآمال معلقة عليه في كأس العالم للأندية (نادي الهلال)

الحماد يرى أن إنزاغي قادر على التعامل مع التحدي، مشيراً إلى أن الفريق، حتى في نسخته الحالية، يمتلك من العناصر المحلية والأجنبية ما يكفي لبناء توليفة قوية، شرط أن يحظى المدرب بالثقة والدعم الفني والإداري. ويشدد على أن الصفقات الغائبة لا يجب أن تكون مبرراً أو نقطة ضعف في الخطاب الهلالي، لأن الفريق أثبت سابقاً قدرته على تجاوز الظروف، كما فعل في النسخة السابقة حين واجه مواقف مشابهة.

أما محمد أبو عراد، اللاعب الدولي والمدرب الحالي، فيطرح زاوية مهمة في حديثه، تتعلق بالتكامل بين العمل الفني والإداري. بالنسبة له، فإن الهلال عانى الموسم الماضي من اهتزاز في المنظومة الكاملة، وليس فقط من خلل فني. ومن هنا جاءت الحاجة إلى قرارات تصحيحية، من بينها إقالة خيسوس والتعاقد مع إنزاغي، الذي يراه مؤهلاً لقيادة مرحلة البناء الجديدة.

ويرى أبو عراد أن الفريق بحاجة إلى استعادة الثقة والتماسك قبل التفكير في النهج الفني، لكنه في الوقت ذاته يؤمن بقدرة إنزاغي على تطبيق أسلوبه المفضل «3 - 5 - 2» نظراً لوجود العناصر التي تناسب هذا النموذج، سواء من اللاعبين المحليين الذين خاضوا تجارب دولية مع مدربين إيطاليين، أو الأجانب الذين يملكون خلفيات قوية عن أساليب المدرسة الإيطالية.

ويشير إلى أن الكرة الإيطالية ليست دفاعية كما يظن البعض، بل تقوم على التنظيم والانضباط والسرعة في التحول، وهي كلها خصائص يحتاجها الهلال في مواجهات البطولة. ويختتم حديثه بالتأكيد على أن الهلال، منطقياً، يُعد ثاني أقوى فريق في مجموعته بعد ريال مدريد، وبالتالي فإن فرصته في العبور قائمة، ومن هناك تبدأ حسابات جديدة بحسب الظروف الفنية والخصوم المحتملين في الأدوار اللاحقة.

وبين ثقة العلي، وحماسة الحماد، ونظرة أبو عراد المنهجية، تتشكل ملامح الهلال في هذه البطولة بفريق يتأرجح بين مرحلة تصحيح ونقطة انطلاق، ويقف على حدود ما بين خيبة موسم مضى، وفرصة كتابة فصل جديد في تاريخه، قد يبدأ من الولايات المتحدة... وقد لا يتوقف عندها.


مقالات ذات صلة

الجمعان: ثمن صراحتي مكلف … رحلة التقاضي مع النصر بدأت

رياضة سعودية الجمعان قال إنه دفع ثمن صراحته مع الجماهير (نادي النصر)

الجمعان: ثمن صراحتي مكلف … رحلة التقاضي مع النصر بدأت

عبّر ماجد الجمعان، الرئيس التنفيذي السابق لشركة نادي النصر، عن استيائه من الطريقة التي تم بها إنهاء خدماته، واصفًا القرار بأنه جاء «بأسلوب غير مهني وغير مقبول»،

«الشرق الأوسط» (الرياض )
رياضة سعودية مبارك الراجح (نادي الرائد)

الشباب يتفق مع الرائد لضم «الراجح»

توصل نادي الشباب السعودي إلى اتفاق للتعاقد مع مدافع نادي الرائد مبارك الراجح، وفقاً لمصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط».

نواف العقيّل
رياضة سعودية البرتغالي ماريو سيلفا نجح بقيادة النادي للصعود (نادي النجمة)

النجمة ينشد الاستقرار الفني ببقاء المدرب ماريو سيلفا

توصل نادي النجمة إلى اتفاق نهائي لتجديد عقد المدرب البرتغالي ماريو سيلفا وفقاً لمصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» وذلك بعد أن قاد الفريق للصعود نحو الدوري السعودي.

نواف العقيّل (الرياض )
رياضة سعودية علاقة الجمعان بالنصر انتهت بفسخ عقده من جانب النادي (نادي النصر)

النصر يُنهي عقد «الجمعان» ويوضح حقيقة تغريدته

أنهى مجلس إدارة شركة نادي النصر التعاقد مع الرئيس التنفيذي ماجد محمد الجمعان، وذلك بعد سلسلة من الإجراءات التي بدأت بتجميد صلاحياته في شهر مايو الماضي.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
رياضة عالمية برونو فيرنانديز (يمين) فضل البقاء في مان يونايتد (أ.ب)

ريو فيرديناند: لهذا السبب… برونو فيرنانديز هو قائد يونايتد

اعترف ريو فيرديناند، أسطورة مانشستر يونايتد، بأنه غير واثق من قدرته على رفض العرض الضخم الذي تلقاه برونو فيرنانديز مؤخراً.

مهند علي (الرياض)

«قمة الرياض» تناقش استدامة المنشآت الرياضية… وتحذير من إهمالها

القمة ناقشت استدامة المنشآت الرياضية (الشرق الأوسط)
القمة ناقشت استدامة المنشآت الرياضية (الشرق الأوسط)
TT

«قمة الرياض» تناقش استدامة المنشآت الرياضية… وتحذير من إهمالها

القمة ناقشت استدامة المنشآت الرياضية (الشرق الأوسط)
القمة ناقشت استدامة المنشآت الرياضية (الشرق الأوسط)

اختُتم اليوم الأول من قمة السعودية للرياضة والترفيه، المنعقدة في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض، بجلسات حوارية ناقشت مستقبل المنشآت الرياضية في ضوء معايير الاستدامة والتحول الاجتماعي والاقتصادي، ضمن مستهدفات «رؤية السعودية 2030».

وفي جلسة بعنوان «المساحات الرياضية الخضراء: تصميم المنشآت من أجل الاستدامة والعافية»، طرح خبراء من شركات دولية رائدة رؤاهم حول دمج الطاقة النظيفة، وإعادة استخدام المياه، والعدالة الاجتماعية في تصميم المنشآت.

خافيير دافيلا استعرض أبرز أعمال تطوير ملعب ماس مونومنتال (الشرق الأوسط)

وأكد كيبروس تشاريتو، من شركة AtkinsRealis، أهمية استثمار الطاقة الشمسية في تقليل البصمة البيئية، مشيراً إلى أن تقنيات إعادة استخدام «المياه الرمادية» تسهم في خفض الاستهلاك بنسبة تصل إلى 40%.

بدوره، شدد يحيى مدكور، من شركة Perkins&Will، على أهمية الالتزام بالمعايير البيئية الحديثة، مثل «المباني الحية» وشهادة «صفر كربون»، التي تضمن الشفافية وتربط أداء المنشأة بأهداف التنمية المستدامة.

وانتقد فرانشيسكو بونجورنو، من شركة Mace، التعامل الرمزي مع الشهادات البيئية، مطالباً بتطبيقها بشكل حقيقي ينعكس على صحة المستخدمين وجودة التجربة الرياضية.

وفي جلسة «تنشيط المرافق الرياضية»، استعرض خافيير دافيلا، من IAKS وIDOM، تجربة إعادة تطوير ملعب «ماس مونومنتال» بالأرجنتين، عبر إزالة مضمار ألعاب القوى، وتجديد أرضية الملعب، وتنفيذ خطة بناء تدريجية حافظت على استمرارية التشغيل.

هرفوي تشيندريتش، من شركة Buro Happold، حذر من تحويل المنشآت الرياضية إلى ما وصفه بـ«الفيلة البيضاء» (الشرق الأوسط)

أما في جلسة «الاتجاهات العالمية للمرافق الرياضية والترفيهية»، فقد حذر كلاوس مينيل، الأمين العام لـ IAKS، من ارتفاع نسب الأمراض الناتجة عن قلة الحركة، مشدداً على أهمية تصميم منشآت تحفّز النشاط البدني وتُسهم في تحسين جودة الحياة.

وأشار إلى أن منظمة الصحة العالمية توصي البالغين بـ150 إلى 300 دقيقة من النشاط أسبوعياً، مقابل 60 دقيقة يومياً للأطفال، محذراً من خطورة نمط الحياة المعتمد على الشاشات والأتمتة.

وفي جلسة «دور الرياضة في التحول الاقتصادي والاجتماعي»، حذر هرفوي تشيندريتش، من شركة Buro Happold، من تحويل المنشآت الرياضية إلى ما وصفه بـ«الفيلة البيضاء»؛ أي مشاريع ضخمة بلا فاعلية مستدامة.

وقال: «الرياضة تخلق فخراً وطنياً وتُعد أداة للربط الاجتماعي، لكن لا بد من إعادة التفكير في مواقع الاستثمار، بحيث تشمل مناطق أوسع، والتركيز على مراكز تدريبية مستدامة، بدلاً من تركز البنية التحتية في مدينة واحدة».

وعكست جلسات القمة رؤية شمولية لقطاع الرياضة، تتجاوز البنية التحتية لتشمل جودة الحياة، والعدالة الحضرية، وتعزيز الترابط المجتمعي»