مسؤولون: «سوء تقدير» إيراني أدى إلى نجاح الضربة الإسرائيلية واسعة النطاق

آلية تعمل على رفع أنقاض مبنى دمر في قصف إسرائيلي على طهران (رويترز)
آلية تعمل على رفع أنقاض مبنى دمر في قصف إسرائيلي على طهران (رويترز)
TT

مسؤولون: «سوء تقدير» إيراني أدى إلى نجاح الضربة الإسرائيلية واسعة النطاق

آلية تعمل على رفع أنقاض مبنى دمر في قصف إسرائيلي على طهران (رويترز)
آلية تعمل على رفع أنقاض مبنى دمر في قصف إسرائيلي على طهران (رويترز)

صرح العديد من كبار المسؤولين الإيرانيين بأنهم لم يكونوا يتوقعون أن تضرب إسرائيل قبل جولة المقبلة من المحادثات بشأن البرنامج النووي مع الولايات المتحدة.

وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن كبار القادة الإيرانيين كانوا يخططون منذ أكثر من أسبوع لهجوم إسرائيلي في حال فشلت المحادثات النووية مع الولايات المتحدة. لكنهم ارتكبوا خطأً فادحاً في الحسابات.

وقال مسؤولون مقربون من القيادة الإيرانية، الجمعة، إنهم لم يتوقعوا أبداً أن تضرب إسرائيل قبل جولة أخرى من المحادثات التي كان من المقرر عقدها غداً الأحد، في سلطنة عمان. ورفضوا التقارير التي تفيد بأن الهجوم كان وشيكاً ووصفوها بأنها دعاية إسرائيلية تهدف إلى الضغط على إيران لتقديم تنازلات بشأن برنامجها النووي في تلك المحادثات.

وقال المسؤولون، وفقاً لـ«نيويورك تايمز»، إنه ربما بسبب هذا التهاون، تم تجاهل الاحتياطات التي تم التخطيط لها.

تستند هذا الرواية عن استعداد المسؤولين الإيرانيين قبل الهجوم الإسرائيلي، ورد فعلهم في أعقاب ذلك، إلى مقابلات مع ستة من كبار المسؤولين الإيرانيين، واثنين من أعضاء «الحرس الثوري»، الذين طلبوا جميعاً عدم ذكر أسمائهم لمناقشة معلومات حساسة.

وأوضح المسؤولون أنه في ليلة الهجوم الإسرائيلي، لم يحتمِ كبار القادة العسكريين في منازل آمنة وبقوا بدلاً من ذلك في منازلهم، وهو قرار مصيري. وتجاهل الجنرال أمير علي حاجي زاده، قائد وحدة الطيران في «الحرس الثوري»، وكبار ضباطه توجيهات بعدم التجمع في مكان واحد. فقد عقدوا اجتماعاً حربياً طارئاً في قاعدة عسكرية في طهران، وقُتلوا عندما قصفت إسرائيل القاعدة.

بحلول مساء الجمعة، كانت الحكومة قد بدأت للتو في استيعاب حجم الأضرار الناجمة عن الحملة العسكرية الإسرائيلية التي بدأت في الساعات الأولى من اليوم، وضربت 15 موقعاً على الأقل في جميع أنحاء إيران، بما في ذلك في أصفهان وتبريز وإيلام ولورستان وبروجرد وقم وأراك وأروميه وقصر شيرين وكرمانشاه وهمدان وشيراز، حسبما قال أربعة مسؤولين إيرانيين.

وكانت إسرائيل قد قضت على جزء كبير من قدرة إيران الدفاعية، ودمرت الرادارات والدفاعات الجوية؛ وشلّت وصولها إلى ترسانتها من الصواريخ الباليستية؛ وقضت على شخصيات بارزة في سلسلة القيادة العسكرية. بالإضافة إلى ذلك، تعرض الجزء العلوي من مصنع التخصيب النووي الرئيسي في نطنز لأضرار بالغة.

في رسائل نصية خاصة اطلعت عليها صحيفة «نيويورك تايمز»، كان بعض المسؤولين يسألون بعضهم البعض بغضب: «أين دفاعنا الجوي؟»، و«كيف يمكن لإسرائيل أن تأتي وتهاجم أي شيء تريده، وتقتل كبار قادتنا، ونحن عاجزون عن إيقافها؟» كما تساءلوا أيضاً عن الإخفاقات الاستخباراتية والدفاعية الكبيرة التي أدت إلى عدم قدرة إيران على توقع الهجمات القادمة والأضرار الناجمة عنها.

وقال حامد حسيني، عضو لجنة الطاقة في إيران، في مقابلة هاتفية من طهران: «لقد فاجأ الهجوم الإسرائيلي القيادة الإيرانية تماماً، وخاصة مقتل كبار الشخصيات العسكرية والعلماء النوويين. كما أنه كشف عن افتقارنا للدفاع الجوي المناسب، وقدرتهم على قصف مواقعنا الحساسة وقواعدنا العسكرية دون أي مقاومة». وأضاف حسيني أن الاختراق الإسرائيلي الواضح للأجهزة الأمنية والعسكرية الإيرانية قد صدم المسؤولين أيضاً.

وكانت إسرائيل قد نفذت عمليات سرية في إيران ضد أهداف عسكرية ونووية، ونفذت اغتيالات استهدفت علماء نوويين لعقود من الزمن كجزء من حربها الخفية مع إيران، لكن هجوم يوم الجمعة المتعدد الجوانب والمعقد الذي شمل طائرات مقاتلة وعملاء سريين قاموا بتهريب قطع صواريخ وطائرات دون طيار إلى داخل البلاد، يشير إلى مستوى جديد من الوصول والقدرة.

وفي وقت سابق من صباح الجمعة، عقد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وهو مجلس مكون من 23 شخصاً، ومسؤول عن قرارات الأمن القومي، اجتماعاً طارئاً لمناقشة كيفية رد البلاد. وفي الاجتماع، قال المرشد الإيراني علي خامنئي إنه «يريد الانتقام لكنه لا يريد التصرف بشكل متسرع»، وفقاً لمسؤولين اثنين مطلعين على المناقشات.

المستجيبون الأوائل يتجمعون خارج مبنى تعرض لغارة إسرائيلية في طهران (أ.ف.ب)

وظهرت انقسامات حول متى وكيف ينبغي لإيران أن ترد، وما إذا كان بإمكانها تحمل حرب طويلة الأمد مع إسرائيل يمكن أن تجر الولايات المتحدة أيضاً، نظراً إلى مدى الضرر الذي لحق بقدراتها الدفاعية والصاروخية.

وقال أحد المسؤولين في الاجتماع إنه إذا ردت إسرائيل بمهاجمة البنية التحتية الإيرانية أو محطات المياه والطاقة الإيرانية، فقد يؤدي ذلك إلى احتجاجات أو أعمال شغب.

وقال أحد أعضاء «الحرس الثوري»، الذي تم إطلاعه على نتائج الاجتماع، إن المسؤولين فهموا أن خامنئي يواجه لحظة محورية في حكمه الذي دام نحو 40 عاماً: كان عليه أن يقرر بين التحرك والمخاطرة بحرب شاملة قد تنهي حكمه، أو التراجع الذي سيفسر محلياً ودولياً على أنه هزيمة.

في نهاية المطاف، أمر خامنئي الجيش الإيراني بإطلاق النار على إسرائيل. وفي البداية، كانت الخطة تقضي بإطلاق ما يصل إلى 1000 صاروخ باليستي على إسرائيل لإرباك دفاعها الجوي وضمان إلحاق أكبر قدر من الأضرار، وفقاً لاثنين من أعضاء «الحرس الثوري». وأضافا أن الضربات الإسرائيلية على قواعد الصواريخ جعلت من المستحيل نقل الصواريخ بسرعة من المخازن ووضعها على منصات الإطلاق.

وفي النهاية، لم تتمكن إيران من حشد سوى 100 صاروخ في الموجة الأولى من الهجمات. وقصفت سبعة مواقع على الأقل في محيط تل أبيب، مما أسفر عن مقتل شخص واحد وإصابة ما لا يقل عن 20 آخرين، وإلحاق أضرار بالمباني السكنية.

وفي يوم الجمعة، بعد أن هدأت الهجمات الإسرائيلية إلى حد ما لجزء من اليوم، سارع الجيش الإيراني إلى إصلاح بعض دفاعاته الجوية المتضررة وتركيب دفاعات جديدة، وفقاً لمسؤولين. وظل المجال الجوي الإيراني مغلقاً مع توقف الرحلات الجوية وإغلاق المطارات.

وقضى بعض سكان طهران يوم الجمعة، وهو يوم عطلة، في الانتظار في طوابير محطات الوقود لملء خزانات سياراتهم والتوافد على متاجر البقالة لتخزين المواد الأساسية مثل الخبز والأغذية المعلبة والمياه المعبأة.

سكان ورجال الإنقاذ يعملون خارج مبنى تعرض لغارة إسرائيلية في طهران (أ.ف.ب)

وتجمع العديد من العائلات الإيرانية في الحدائق العامة حتى وقت متأخر من الليل، ونشروا البطانيات على العشب، وقالوا في مقابلات هاتفية إنهم يخشون البقاء في منازلهم بعد أن قصفت إسرائيل مباني سكنية في أحياء مختلفة، مستهدفة العلماء والمسؤولين العسكريين والحكوميين.

وشارك مهرداد (35 عاما)ً، الذي لم يرغب في استخدام اسمه الأخير بسبب مخاوف على سلامته، مقطع فيديو لجدار مطبخه ونوافذه التي دُمرت عندما سقط صاروخ إسرائيلي على المبنى الشاهق المجاور في الحي الراقي الذي يقطنه في شمال طهران.

وقال إنه كان محظوظاً لأنه كان في غرفة نومه عندما وقع الهجوم، لكن بعض المدنيين في الحي، بمن فيهم الأطفال، أصيبوا بجروح.

مبنى متضرر في أعقاب الضربات الإسرائيلية في طهران (رويترز)

في الساعات الأولى من يوم السبت، استأنفت إسرائيل هجماتها على طهران. وقال بعض السكان، بمن فيهم فاطمة حساني التي تسكن في حي ميرداماد، إنهم سمعوا أزيز طائرات دون طيار تطن في سماء طهران، وأصوات انفجارات لا تتوقف، أعقبها صوت إطلاق الدفاعات الجوية في شرق ووسط طهران.

وقالت مهسا، وهي مهندسة كمبيوتر تبلغ من العمر (42 عاماً) وتعيش في شمال العاصمة، ولم ترغب هي الأخرى في ذكر اسم عائلتها خوفاً على سلامتها، إنها وعائلتها لم يتمكنوا من النوم. لم يكن بإمكانهم سماع دوي الانفجارات فحسب، بل كان بإمكانهم أيضاً رؤية آثار الحريق والدخان من نافذتهم.

وأضافت: «نحن في خضم حرب، وهذا أمر واضح لنا جميعاً، ولا نعرف إلى أين ستصل أو كيف ستنتهي».


مقالات ذات صلة

الحوثيون: استهدفنا إسرائيل بصواريخ باليستية بالتنسيق مع إيران

المشرق العربي النيران تتصاعد في موقع سقوط صاروخ من إيران على وسط إسرائيل (رويترز)

الحوثيون: استهدفنا إسرائيل بصواريخ باليستية بالتنسيق مع إيران

قالت جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران اليوم (الأحد)، إنها استهدفت مدينة يافا في وسط إسرائيل بعدة صواريخ باليستية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
الولايات المتحدة​ مدرعات أميركية خلال عرض عسكري في واشنطن حضره الرئيس دونالد ترمب (أ.ف.ب) play-circle

ترمب: إيران ستواجه قوة أميركية «غير مسبوقة» إذا هاجمتنا

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم (الأحد)، إنه إذا هاجمت إيران الولايات المتحدة بأي شكل من الأشكال، فستواجه قوة الجيش الأميركي «بمستويات غير مسبوقة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية فرق إنقاذ تبحث بين أنقاض مبنى أُصيب بصاروخ باليستي إيراني في جنوب تل أبيب (ا.ف.ب)

8 قتلى وأكثر من 130 جريحاً جراء الهجمات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل

أعلنت خدمات الإسعاف الإسرائيلية، صباح اليوم (الأحد)، مقتل ثمانية أشخاص على الأقل وإصابة أكثر من 130 آخرين جراء الهجمات الصاروخية الإيرانية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية ازدحام على طريق سريع بالتزامن مع اشتعال النيران في مستودعات النفط القريبة في شهران جراء القصف الإسرائيلي (ا.ف.ب)

إسرائيل تعلن استهداف مقر وزارة الدفاع الإيرانية ومنظمة «البحوث الدفاعية»

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأحد)، أنه استهدف مقر وزارة الدفاع الإيرانية ومواقع مرتبطة بالبنية التحتية «لمشروع الأسلحة النووية» وأهدافاً أخرى.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية إسرائيليون يعاينون الدمار الذي خلفه صاروخ باليستي إيراني في بناية سكنية بتل أبيب أمس (إ.ب.أ)

إيران وإسرائيل على حافة حرب شاملة

باتت إيران وإسرائيل على حافة حرب شاملة مع تَوسُّع نطاق الصراع؛ إذ لم يهدأ تبادل إطلاق الصواريخ وشن ضربات جوية، فجر أمس، غداة تنفيذ إسرائيل هجوماً جوياً كاسحاً.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران - تل أبيب)

8 قتلى وأكثر من 130 جريحاً جراء الهجمات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل

فرق إنقاذ تبحث بين أنقاض مبنى أُصيب بصاروخ باليستي إيراني في جنوب تل أبيب (ا.ف.ب)
فرق إنقاذ تبحث بين أنقاض مبنى أُصيب بصاروخ باليستي إيراني في جنوب تل أبيب (ا.ف.ب)
TT

8 قتلى وأكثر من 130 جريحاً جراء الهجمات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل

فرق إنقاذ تبحث بين أنقاض مبنى أُصيب بصاروخ باليستي إيراني في جنوب تل أبيب (ا.ف.ب)
فرق إنقاذ تبحث بين أنقاض مبنى أُصيب بصاروخ باليستي إيراني في جنوب تل أبيب (ا.ف.ب)

أعلنت خدمات الإسعاف الإسرائيلية، صباح اليوم (الأحد)، مقتل ثمانية أشخاص على الأقل وإصابة أكثر من 130 آخرين جراء الهجمات الصاروخية الإيرانية، بعد أن دفعت صفارات الانذار ملايين الأشخاص ليهرعوا إلى الملاجئ.

وأكدت الشرطة الإسرائيلية في منشور على منصة «إكس»، أن ضربة في منطقة تل أبيب أدت إلى مقتل عدة أشخاص وإصابة العشرات.

وبعد أن دمر هجوم سابق مبنى من ثلاثة طوابق في منطقة الجليل الغربي في إسرائيل في وقت متأخر السبت، قالت نجمة داوود الحمراء إن ثلاث نساء قُتلن.

وأكدت خدمة الإسعاف في بيان وفاة امرأتين في الموقع فيما أعلنت وفاة الثالثة في المستشفى.

رجال إطفاء في موقع سقوط صاروخ من إيران في وسط إسرائيل (رويترز)

وفي وسط اسرائيل، قُتل أربعة أشخاص على الأقل، بينهم طفل يبلغ 10 أعوام، وأصيب نحو 100 آخرين في هجوم صاروخي، وفقا للمتحدث باسم نجمة داوود الحمراء.

وأضاف المتحدث أن 37 شخصاً آخرين أصيبوا في منطقة شفيلا.

امرأة مصابة في موقع سقوط صاروخ إيراني على إسرائيل (رويترز)

وقالت خدمة الإسعاف إن صاروخاً إيرانياً أصاب منزلاً في منطقة حيفا، السبت، ما أسفر عن مقتل امرأة في العشرينات وإصابة 14 شخصاً آخرين.

وقال متحدث باسم خدمة نجمة داوود الحمراء لوسائل إعلام إإسرائيلية، إن قرابة 200 شخصاً أصيبوا في ضربات صاروخية إيرانية ليلاً.

مبنى سكني في وسط إسرائيل بعد هجوم صاروخي من إيران (رويترز)

وليل السبت أعلنت إسرائيل إنها تعمل على اعتراض وابل من الصواريخ التي أطلقت من إيران وتنفيذ ضربات على طهران في وقت واحد.

كما أشارات تقارير إعلامية إسرائيلية إلى فقدان 35 شخصاً في بلدة بات يام جنوبي تل أبيب جراء الضربات الإيرانية.