الروك بقيادة هاروت فازليان: لقاء الانضباط بالتمرُّد والجمال الحُرّ

حفلٌ في «كازينو لبنان» أهدى جمهوره صخباً مسكوناً بالخلاص الإنساني

أراد هاروت فازليان من كلّ أغنية أن تُخاطب مَن يشعر بأنْ لا مكان له في هذا العالم (الجهة المُنظِّمة)
أراد هاروت فازليان من كلّ أغنية أن تُخاطب مَن يشعر بأنْ لا مكان له في هذا العالم (الجهة المُنظِّمة)
TT

الروك بقيادة هاروت فازليان: لقاء الانضباط بالتمرُّد والجمال الحُرّ

أراد هاروت فازليان من كلّ أغنية أن تُخاطب مَن يشعر بأنْ لا مكان له في هذا العالم (الجهة المُنظِّمة)
أراد هاروت فازليان من كلّ أغنية أن تُخاطب مَن يشعر بأنْ لا مكان له في هذا العالم (الجهة المُنظِّمة)

حوَّلت ليلةٌ احتضنت في جوفها صخب الحياة وهدير الداخل، مسرح «كازينو لبنان» منصّة تتلاقى عليها الأرواح المُتعبة والقلوب المحتاجة إلى انعتاق. فحفل الروك بقيادة المايسترو اللبناني الأرمني هاروت فازليان تجاوز كونه أمسية موسيقية سيمفونية؛ ليُشكِّل صرخة من عمق الذات، ومرآة لزمن مأزوم، وساحة صراع مفتوحة بين الانضباط والتمرُّد، وبين الروح الباحثة عن نفسها، والمجتمع الذي لا يكفُّ عن قولبة الأحلام.

من قلب الأوركسترا، خرجت أغنيات «الروك آند رول» الخالدة من صوتَي الشابَيْن عمر الحاج وجوي فياض، برفقة موسيقيين لبنانيين، ليُعيدوا إلى ذاكرة الحضور مجد هذا الفنّ الثائر. بدت الأغنيات كأنها تصرخ داخل الجسد: «وي وِل روك يو» و«دونت ستوب مي ناو» لكوين، و«كَمْ توغذر» للبيتلز، و«ستيرواي تو هافن» لِلد زبلين، و«براود ماري» لتينا ترنر... جميعها انسكبت على المسرح مثل نهر حُرّ لا يعترف بحواجز.

ليلة احتضنت في جوفها صخب الحياة وهدير الداخل (الجهة المُنظِّمة)

الحفل الذي أقامه نادي «روتاري بيروت سيدرز» دعماً لمؤسّسة «دار الطفل اللبناني» المعنيّة منذ نصف قرن بإنقاذ الطفولة المنبوذة والمُعنَّفة، مثَّل لحظة ذات نُبل مضاعَف اختلط فيها الجمال بالواجب الإنساني. وكما لو أنَّ الكلمات كانت تحمل ما هو أكثر من صوت، فقد بدت الأمسية كأنها شحنة كهربائية تُضرَب بها الأرض، فتنهض الروح من عزلتها، لتقول: «أنا هنا ولن أصمت بعد اليوم».

اختيارات الأغنيات لم تكن عشوائية. فهاروت فازليان المُمسِك بالتفاصيل من صغيرها إلى كبيرها، قدَّم الرؤية الفنّية الكاملة للحفل، من تنظيم وإضاءة وصوت وبرنامج. أراد من كلّ أغنية أن تُخاطب مَن يشعر بأنْ لا مكان له في هذا العالم. الروك هنا اعترافٌ بالهشاشة. كلّ نغمة بكاءٌ مكتوم، وكلّ لحن حوار داخلي مع الذات.

حين عزفت الأوركسترا «ستيرواي تو هافن»، بدت الأغنية كأنها تصعد على سلّم غير مرئي نحو ضوء في طبقات الروح، لا يُعرَف إنْ كان وهماً أم حقيقة. الرحلة وحدها كانت كافية، فالوصول لم يعد ضرورياً. الأغنية ذكَّرت بذلك الهَمْس الذي يقول إنّ الخلاص يتحقَّق بالبحث نفسه.

خرجت أغنيات الروك الخالدة من صوتَي عمر الحاج وجوي فياض (الجهة المُنظِّمة)

توسَّط الموسيقيين، بيرج فازليان، ابن المايسترو، عازف «الدرامز». عشرينيّ ملأ شغفه المسرح. باسمه الذي يحمله عن جدّه الراحل، المخرج المسرحي بيرج فازليان، بدا كأنه يُعيد كتابة تاريخ عائلته من جديد؛ هذه المرة بإيقاعه.

وعند ذروة الحفل، خلع هاروت فازليان سترة المايسترو، ارتدى سترة الروك، وحمل الغيتار. لم يكن هذا تفصيلاً عابراً. كان فعلاً رمزياً يُجسِّد رؤيته: «الموسيقى الجيّدة لا تنتمي إلى قالب واحد. هي قادرة على التحوُّل، وعلى التنقّل بين الأنماط دون أن تفقد جوهرها»، يشرح لـ«الشرق الأوسط». ويتابع: «لا أفضّل عزف الروك بأسلوب سيمفوني بحت، فهنا تفقد الأغنية معناها الحقيقي. وكما في السيمفونية الخامسة لبيتهوفن، لا يمكن عزفها بالعود فقط. فكلّ آلة لها دور، لكنها تحتاج إلى تمازج ليكتمل النغم».

ما بين الانضباط الكلاسيكي وحرّية الروك، يجد فازليان نقطة التقاء نادرة. «العمل مع الأوركسترا أسهل»، يقول، «لأنّ عقلها مدرَّب على السير ضمن خطّ. أما الروك فعقله مُنطلق، حُرّ، يُفكّر خارج المألوف. وهذا تماماً ما أحبّ فيه».

حفل الروك بقيادة هاروت فازليان تجاوز كونه أمسية موسيقية سيمفونية (الجهة المُنظِّمة)

هو ليس غريباً عن هذا التمرُّد. نشأ في لبنان على أغنيات الرحابنة، وترعرع في كندا على نغمات الروك، ثم سافر إلى الاتحاد السوفياتي ليتعلّم الموسيقى الكلاسيكية. 3 طبقات من الموسيقى تُشكّله: الشرقي، والأكاديمي، والثائر. وحين يُعيد تأليف موسيقى تشايكوفسكي، لا يستطيع أن يمنع نفسه من حقنها بالروك، «لأنها روحي»؛ كما يقول.

يؤمن فازليان بأنَّ ما يبقى في النهاية هو «الموسيقى الجيّدة». لا يهمّ إن كانت قديمة أم حديثة، ما دامت تحتفظ بروحها. ينتصر لها ضدَّ الرداءة، يرفض المُريح والسهل، ويُفضّل التحدّي. «كأنك تطارد شيئاً لا يُشبِعك»، تقول له؛ فيبتسم: «التجديد هو ما يجعلني أتنفَّس».

الروك صرخة من عمق الذات ومرآة لزمن مأزوم (الجهة المُنظِّمة)

المرأة خلف المشهد

لكنَّ الحفل ما كان ليولد لولا اقتراح قدّمته الشريكة الفنّية للمايسترو، جويل حجار، إلى نادي «روتاري بيروت سيدرز»، بأن يكون جَمْع التبرّعات من خلال أمسية موسيقية تليق بالقضية، لا مجرّد حفل عشاء. تقول لـ«الشرق الأوسط»: «أردنا موسيقى راقية ومؤثّرة. التحدّيات كانت كثيرة، من الإقناع بالفكرة، إلى الصعوبات المادية، فتنظيم كلّ تفصيل. وكان المايسترو حاضراً في جميع مراحل التنفيذ؛ من الموسيقى إلى الإضاءة، وكلّ لحظة».

هاروت فازليان والمرأة خلف المشهد جويل حجار (الشرق الأوسط)

وتُخبر أنّ رئيس النادي رودولف ملكي لم يتردّد في دعم الفكرة، فكانت النتيجة ليلة لم تُبقِ أحداً في مقعده.

انتهى الحفل، وصداه يدوّي أبعد من الأذن: في الروح. هاروت فازليان قدَّم الروك بما يتعدَّى كونه نمطاً موسيقياً، ليكون الطريق، وشكل الوجود، والرسالة المفتوحة التي تقول: «حين تضيق بكَ الأرض... غنِّ».


مقالات ذات صلة

نجل كمال الطويل: نحتفظ بألحان نادرة تحتاج أصواتاً قوية

خاص الموسيقار المصري الراحل كمال الطويل (الشرق الأوسط)

نجل كمال الطويل: نحتفظ بألحان نادرة تحتاج أصواتاً قوية

قال الملحن زياد الطويل إن والده لم ينل التكريم والتقدير الذي يستحقه حتى الآن

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق ليلة طربية خارجة عن المألوف تنتظر جمهور مهرجانات بيت الدين (الجهة المنظّمة)

«ديوانية حب»... ليالي الأنس في بيت الدين

رغم الأجواء المشحونة في المنطقة، الاستعدادات متواصلة لافتتاح مهرجانات بيت الدين. وقفة مع إحدى محطاته الأساسية «ديوانية حب».

كريستين حبيب (بيروت)
الوتر السادس الفنانة مروة ناجي أوضحت أنها صوّرت 4 أغنيات من ألبومها الجديد (حسابها على {فيسبوك})

مروة ناجي: سعيت للتمرد على الأغاني التراثية... لكنني تراجعت

وصفت المطربة المصرية مروة ناجي تقديمها أغنيات «كوكب الشرق» أم كلثوم في حفلات عدة بأنه «شرف كبير ومسؤولية أكبر»

أحمد عدلي (القاهرة)
الوتر السادس تحضّر لعمل جديد من ألحان وكلمات نبيل خوري (تانيا قسيس)

تانيا قسيس لـ«الشرق الأوسط»: أسير اليوم في طريق الحب... وأبدأه من نفسي

في أغنيتها الجديدة «خلّيني معاك» تنثر تانيا قسيس الفرح والطاقة الإيجابية. فتعكس جانباً من شخصيتها التي أبقتها بعيدة عن جمهورها بفعل أسلوب غنائي طبعها بالجدّية

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق قمرٌ شاهد على أمسية أعادت ترتيب العلاقة بين القلب والكلمة (الشرق الأوسط)

شربل روحانا ومارانا سعد: فيضُ الموسيقى بالمعنى

الجمال الفنّي لم يكن في الأداء وحده، وإنما في علاقةٍ متينة مع اللغة العربية، وفي اجتهاد لتقديم القصائد إلى جمهور ذواق يدرك قيمة الكلمة.

فاطمة عبد الله (بيروت)

حملة على مواقع التواصل ترفض دخول أحد قيادات «الأفروسنتريك» إلى مصر

كابا كاميني في إحدى زياراته لمصر (صفحته على «فيسبوك»)
كابا كاميني في إحدى زياراته لمصر (صفحته على «فيسبوك»)
TT

حملة على مواقع التواصل ترفض دخول أحد قيادات «الأفروسنتريك» إلى مصر

كابا كاميني في إحدى زياراته لمصر (صفحته على «فيسبوك»)
كابا كاميني في إحدى زياراته لمصر (صفحته على «فيسبوك»)

عادت قضية «الأفروسنتريك» للواجهة مجدداً في مصر، مع انتشار إعلان لأحد قيادات حركة «الأفروسنتريك» ودعاتها المشهورين، يدعي البروفسير كابا كاميني، عن إنتاج فيلم وثائقي حول الأصول الأفريقية للحضارة المصرية القديمة، والإعلان عن قرب زيارته لمصر، وفق متابعين له.

وتصاعدت حملةٌ على وسائل التواصل تشير إلى أن «وجود كابا في مصر غير مرحب به»، وتصدر اسمه «الترند» على «إكس» في مصر، الأربعاء، تحت عنوان «مش عايزين كابا في مصر».

وأعلن «البروفسور كابا»، كما يسمي نفسه على صفحته بـ«فيسبوك»، عن فيلم وثائقي تم إنتاجه بالفعل، ومن المقرر عرضه يوم 20 يونيو (حزيران) الحالي بعنوان «نيجوس إن كيميت»، وترجمتها «الملك في مصر» أو «الملك في الأرض السوداء»، وقُوبل هذا الإعلان بسيل من التعليقات على صفحة الناشط الأميركي مفادها أنه «غير مرحب به في مصر».

ونشرت صاحبة حساب على «إكس» تدعى «جيسي يسري» صورة لكابا وهو يمسك مفتاح الحياة «عنخ» وكتبت معلقةً أن هذا هو «كابا» زعيم «الأفروسنتريك» الذين يقولون إنهم أحفاد المصريين القدماء، وإن المصريين الحاليين دخلاء على مصر. ولفتت إلى أن «كابا» سيأتي إلى مصر الجمعة المقبل 20 يونيو (حزيران) الحالي، وأنه نظم تجمعاً اسمه «زنوج كيميت»، ومن المعروف أن «كيميت» هو اسم قديم لمصر، ويعني «الأرض السوداء»، وطالبت صاحبة التعليق الدولة ممثلة في وزارة الثقافة والسياحة بأن يتخذوا الاحتياطات اللازمة، وأن يحرصوا على أن يرافقه مرشدون سياحيون مثقفون وطنيون، لمنع المهازل التي حصلت في زياراته السابقة، وفق تعبيرها.

وعلّق البعض متسائلاً لماذا لا تمنعه وزارة الداخلية من دخول مصر طالما أنه غير مرغوب فيه؟ وتصاعدت تعليقات أخرى ترفض حضوره إلى مصر وتدعو لمنعه من دخولها، في مقابل تعليقات أخرى تدعو لتجاهله وعدم إعطائه قيمة كبيرة لأن الاهتمام به بهذا الشكل يمنحه شهرة.

بينما نشر آخرون ما يفيد بأن المصريين القدماء رسموا الأفارقة على المعابد كأسرى وعبيد مقيدين، رداً على مزاعم «الأفروسنتريك».

وتتكرر بين فترة وأخرى مزاعم من بعض أنصار «الأفروسنتريك» تنسب الحضارة المصرية القديمة إلى الأفارقة السود، وتدعي أن مصر الحديثة تستولي على هذا الإرث وتنسبه إلى غير أصله، وهو ما يصفه عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف مكتبة الإسكندرية، بأنها «ادعاءات تفتقر إلى الأساس العلمي، ولا تستند إلى أي أدلة أثرية، لغوية، أو بيولوجية معتمدة».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الحضارة المصرية القديمة نشأت على ضفاف النيل، وتميزت باستقلالها الثقافي والديني واللغوي، ولم تكن حضارة معزولة، بل تفاعلت مع محيطها، مع احتفاظها بهويتها المتفردة، والدراسات العلمية المستندة إلى تحليل المومياوات، والنقوش، والفن الجنائزي، واللغة المصرية القديمة، تؤكد جميعها أن سكان مصر القديمة كانوا من أصول محلية تشكلت تاريخياً داخل وادي النيل، ولا يمكن اختزالهم في تصنيفات عرقية حديثة».

أحد منشورات كابا حول الفيلم الوثائقي (صفحته على «فيسبوك»)

ويدعو عبد البصير إلى التعامل مع مثل هذه الحركات على 3 مستويات، «أولاً المنع إذا ثبت الضرر بالأمن القومي أو التحريض على الكراهية، ثانياً عدم التضخيم الإعلامي لهم حتى لا يحصلوا على شهرة لا يستحقونها، ثالثاً تقوية أدوات المعرفة والدفاع الثقافي الوطني عبر برامج وخطط التوعية المتنوعة».

وتأسست حركة «الأفروسنتريزم» أو «الأفروسنتريك» في ثمانينات القرن العشرين على يد الناشط الأميركي أفريقي الأصل موليفي أسانتي، الذي قدم العديد من الكتب، بل وأنشأ معهداً للأبحاث باسمه يسعى من خلاله لإعادة تقييم وتقدير الثقافة الأفريقية وإثبات مركزيتها في الحضارات القديمة، وفق تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية.

فيما يشير عالم الآثار المصري، الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، إلى وجود «حرب شرسة من (الأفروسنتريك) على الحضارة المصرية تتعدد أشكالها، تمثلت في عرض شبكة (نتفليكس) فيلم (الملكة كليوباترا) الذي يسيء إلى الحضارة المصرية، ويُظهر الملكة كليوباترا ببشرة سوداء ترويجاً لفكر (الأفروسنتريك) بأن الحضارة المصرية أصلها أفريقي في تحدٍ واضحٍ للرفض المصري من متخصصين وغيرهم لهذا الطرح».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «الدعوات التي تطالب بمنع دخول دعاة هذه الحركة إلى مصر تعتمد على رأي الجهات الأمنية، وإذا لم تتمكن فصراعنا هو صراع هوية ومجابهة الغزو الفكري تعتمد على تعزيز الهوية وبناء الإنسان المصري، وتأكيد عمق وجذور الشخصية المصرية وهو أقوى الأسلحة»، مطالباً بـ«خطة ممنهجة وممولة من وزارة الثقافة ووزارة السياحة والآثار لمجابهة (الأفروسنتريك) عبر برامج إعلامية موجهة باللغة العربية وعدة لغات لتوضيح حقيقة الهوية والشخصية المصرية عبر العصور، لأن هذه الحركات هدفها الطعن في الهوية».

وسبق أن تصاعدت قضية «الأفروسنتريك» في مصر مع إنتاج شبكة «نتفليكس» فيلماً عن الملكة كليوباترا عام 2023، يظهرها ببشرة سمراء وشعر مجعد، وهو ما اعترضت عليه وزارة السياحة والآثار، ووصفته بـ«تزييف التاريخ» و«المغالطة الصارخة»، ونشرت أدلة تؤكد الملامح اليونانية التي كانت تتمتع بها الملكة البطلمية، صاحبة البشرة البيضاء والملامح الرقيقة، وأكدت الوزارة وقتها بالأدلة وفحوصات الحمض النووي للمومياوات أن «المصريين القدماء لا يحملون ملامح الأفارقة».

جانب من الصور التي نشرها كابا عن الفيلم الوثائقي (صفحته على «فيسبوك»)

ويرى الخبير السياحي والباحث في الحضارة المصرية القديمة، بسام الشماع، أن «(الأفروسنتريك) الذين يدّعون أن الحضارات الأفريقية القديمة التي كانت قائمة جنوب الصحراء تم السطو عليها من المصريين، لم ينجحوا في إثبات ما يدعونه، بل وأرى هناك مبالغة في إعطائهم أكثر من قدرهم»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «من واقع خبرتي كمرشد سياحي أرى مبالغة كبيرة في إعطاء هذه الحركة قيمة، فهم يحاولون منذ نحو 100 سنة أن يرسخوا فكرهم ولكنهم فشلوا، وحين تم إنتاج فيلم (الملكة كليوباترا) السمراء أثبتت الإحصاءات أنه حصل على أقل نسبة مشاهدة في تلك الفترة».

وأشار إلى محاولات أخرى لسرقة الحضارة المصرية أو تزييفها، موضحاً: «هناك محاولات من اليهود للسطو على الحضارة المصرية ومحاولات من الأميركيين والتقنيين لترويج فكرة أن الكائنات الفضائية هي التي صنعت الحضارة المصرية، وهذه الدعاوى هي ما يجب أن نواجهها بالتوعية العلمية المنضبطة».

وأضاف الشماع أن «زمن المنع انتهى، لن نستطيع منع هؤلاء من دخول مصر، بل بالعكس فكرة تصويرهم على أنهم عبيد أو المنع سيجذب التعاطف معهم عالمياً، لذلك يجب أن يتم مواجهتهم بشكل عملي أكثر جدية»، ودعا إلى «إقامة مؤتمر دولي أمام الأهرامات يضم كبار العلماء في الحضارة، ينتهي بتوصيات تنفي كل المزاعم التي تشاع عن الحضارة المصرية القديمة، مثل مزاعم (الأفروسنتريك) أو الكائنات الفضائية أو المزاعم اليهودية حول الحضارة المصرية».