استعانة الأهلي بـ«الليلة الكبيرة» تُعيد الجدل بشأن حقوق الأعمال التراثية

جمعية المؤلفين المصرية تقاضي النادي بسبب «إعلان تريزيجيه»

نجم الأهلي في الإعلان الذي نشر عبر منصات النادي الرسمية (حساب النادي على «فيسبوك»)
نجم الأهلي في الإعلان الذي نشر عبر منصات النادي الرسمية (حساب النادي على «فيسبوك»)
TT

استعانة الأهلي بـ«الليلة الكبيرة» تُعيد الجدل بشأن حقوق الأعمال التراثية

نجم الأهلي في الإعلان الذي نشر عبر منصات النادي الرسمية (حساب النادي على «فيسبوك»)
نجم الأهلي في الإعلان الذي نشر عبر منصات النادي الرسمية (حساب النادي على «فيسبوك»)

أعاد إعلان النادي الأهلي المصري، الذي استعان خلاله بأغنية من أوبريت «الليلة الكبيرة»، الجدلَ في حق استغلال الأغنيات القديمة، وذلك بعد إعلان «جمعية المؤلفين والملحنين والناشرين» اتخاذَ الإجراءات القانونية ضد النادي، لعدم الحصول على الموافقات اللازمة من ورثة صُنّاع الأغنية.

جاء ذلك عقب طرح إعلان «عودة الفتى الذهبي»، الذي ظهر فيه نجم فريق الأهلي محمود حسن تريزيجيه، بعد الإعلان عن عودته إلى صفوف النادي قادماً من فريق طرابزون سبور التركي، ضمن صفقات الموسم الصيفي.

وأكدت الجمعية أن الإعلان استغل الأغنية من دون الحصول على إذن كتابي من الورثة، مما يُعد إخلالاً بحقوق الملكية الفكرية التي يكفلها القانون المصري والاتفاقيات الدولية، معربة في بيان، صدر الأربعاء، عن أسفها على صدور هذا التجاوز من مؤسسة عريقة مثل النادي الأهلي، وفق البيان.

وليست هذه هي المرةَ الأولى التي تتصدى فيها الجمعية لإعادة استخدام بعض الأغنيات القديمة دون الحصول على موافقات من صُنّاعها، من بينها رفض استخدام أغانٍ وطنية في أعمال دعائية، بالإضافة إلى بعض أغنيات العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، التي استُغلت في أحد الإعلانات التجارية دون الحصول على الموافقات اللازمة.

لقطة من الإعلان (حساب الأهلي على «فيسبوك»)

وقال رئيس الجمعية، السيناريست مدحت العدل، إن الأزمة ليست مرتبطة بالنادي الأهلي، كما أن الجمعية لا ترغب في وصول المشكلات القانونية إلى القضاء، مضيفاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «القانون ينصُّ على ضرورة الحصول على موافقة صُنّاع الأغنيات وورثتهم قبل الشروع في إعادة تقديمها، وهو أمر قد لا يحدث بسبب رفض الورثة استغلالها أو عدم رضاهم عن طريقة إعادة تقديمها».

وأوضح أن الإعلان كان يتوجَّب، قبل إصداره، الحصول على موافقة ورثة الثلاثي: الشاعر صلاح جاهين، والموسيقار سيد مكاوي، بالإضافة إلى المخرج صلاح السقا، لكونهم استخدموا الديكور نفسه، مشيراً إلى أن القانون ينص على حقوق الورثة ما داموا على قيد الحياة.

وأشار رئيس الجمعية إلى أن هذه الحقوق لا تسقط بالتقادم، وهو ما يُجرى تطبيقه قانوناً مع جميع الورثة الأحياء والمعلومين للجمعية والمسجلين فيها، لافتاً إلى أن أحفاد الموسيقار سيد درويش ما زالوا يتلقّون عوائد عند إعادة استخدام أغنياته، رغم وفاته قبل أكثر من مائة عام.

وهنا يشير الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين إلى أن الأزمة الرئيسية في مسألة حقوق الأغنيات التراثية ترتبط غالباً بالبحث عن العوائد المالية للورثة، وهذا ما يحدث غالباً عند إثارة هذه القضايا إعلامياً. وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «جهود التسوية عادة ما تنجح في هذه الأمور مع الحصول على العائد المادي المناسب».

نجم الأهلي في الإعلان الذي نشر عبر منصات النادي الرسمية (حساب النادي على «فيسبوك»)

وأضاف أن «أحد أسباب استعانة جهات عدّة بالأغنيات القديمة هو الجماهيرية الكبيرة التي تتمتّع بها، والعاطفة التي تثيرها لدى الجمهور الذي ارتبط بها وجدانياً، فضلاً عن سهولة تنفيذها نسبياً، وفرص نجاحها الأعلى مقارنةً بكتابة كلمات وألحان جديدة».

ويسمح قانون جمعية المؤلفين والملحنين والناشرين المصرية بمنح حقوق استغلال المصنفات الفنية بطريقتين: الأولى من خلال تقديم طلب للجمعية في القاهرة لاستغلال حقوق مصنّفٍ ما، حيث يدفع صاحب الطلب النسبة المالية المقرّرة، على أن تحولها الجمعية إلى المؤلفين والملحنين أصحاب الحقوق. أما الطريقة الثانية، فهي أن يتواصل طالب الاستغلال مع المؤلفين والملحنين مباشرةً دون إخطار الجمعية، وفي هذه الحالة يتوجب على المؤلفين والملحنين الأعضاء دفع نسبة مالية للجمعية مقابل منح حق الاستغلال.

ويُشير رئيس الجمعية إلى أنهم دخلوا في مرحلة تفاوض، عبر المحامي الخاص بهم، مع النادي الأهلي، «لكون الورثة من عائلات صُنّاع الأغنية لا يمانعون في الإعلان، ومن ثمّ سيكون التوجّه نحو تسوية الأمر عبر اتفاقٍ مادي يتناسب مع منصّات العرض وطريقة استخدام المحتوى الخاص بالأغنية»، حسب قوله. لافتاً إلى أن الاتفاقات تختلف بحسب ما إذا كان الإعلان سيُعرض عبر المنصات الإلكترونية فقط، أو أيضاً على الشاشات.


مقالات ذات صلة

نجل كمال الطويل: نحتفظ بألحان نادرة تحتاج أصواتاً قوية

خاص الموسيقار المصري الراحل كمال الطويل (الشرق الأوسط)

نجل كمال الطويل: نحتفظ بألحان نادرة تحتاج أصواتاً قوية

قال الملحن زياد الطويل إن والده لم ينل التكريم والتقدير الذي يستحقه حتى الآن

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق ليلة طربية خارجة عن المألوف تنتظر جمهور مهرجانات بيت الدين (الجهة المنظّمة)

«ديوانية حب»... ليالي الأنس في بيت الدين

رغم الأجواء المشحونة في المنطقة، الاستعدادات متواصلة لافتتاح مهرجانات بيت الدين. وقفة مع إحدى محطاته الأساسية «ديوانية حب».

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق جانب من حفل تترات المسلسلات بالأوبرا المصرية (دار الأوبرا المصرية)

تترات المسلسلات تجذب جمهور الأوبرا المصرية

«باحلم وافتح عينيا/ على جنة للإنسانية/ والناس سوا بيعيشوها/ بطيبة وبصفو نية». كان هذا مفتتح شارة مسلسل «المال والبنون» الذي تم إنتاجه عام 1992.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق الأغاني الشعبية المصرية ضمن الاحتفالية (المتحف القومي للحضارة المصرية)

أغانٍ شعبية من مصر والصين تتحاور في «متحف الحضارة» بالقاهرة

في حوار فني بين التراث المصري والصيني، احتضن المتحف القومي للحضارة المصرية حفلاً موسيقياً تضمن أغاني شعبية، ومقطوعات موسيقية من تراث البلدين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق قمرٌ شاهد على أمسية أعادت ترتيب العلاقة بين القلب والكلمة (الشرق الأوسط)

شربل روحانا ومارانا سعد: فيضُ الموسيقى بالمعنى

الجمال الفنّي لم يكن في الأداء وحده، وإنما في علاقةٍ متينة مع اللغة العربية، وفي اجتهاد لتقديم القصائد إلى جمهور ذواق يدرك قيمة الكلمة.

فاطمة عبد الله (بيروت)

«مشوار الفنّ» في بيبلوس... معرض مفتوح للحِرَف والموسيقى

الأزقّة التاريخية لمدينة جبيل جارة البحر (الجهة الإعلامية)
الأزقّة التاريخية لمدينة جبيل جارة البحر (الجهة الإعلامية)
TT

«مشوار الفنّ» في بيبلوس... معرض مفتوح للحِرَف والموسيقى

الأزقّة التاريخية لمدينة جبيل جارة البحر (الجهة الإعلامية)
الأزقّة التاريخية لمدينة جبيل جارة البحر (الجهة الإعلامية)

في محاولة للإبقاء على النبض الثقافي والسياحي في مدينة جبيل العريقة، تُطلق أليس إدّه مبادرتها «مشوار الفنّ في بيبلوس»؛ مشروعٌ فريد ينسج خيوط الإبداع الفنّي بالتجربة السياحية.

أليس، الأميركية التي ساقها الفضول إلى لبنان منذ نصف قرن، لم تكن تعرف أنّ زيارتها الأولى سائحةً ستتحوَّل إلى قدرٍ دائم. عشقُها للثقافة والتاريخ والفنون قادها إلى قلب جبيل، لكن الحبَّ الأكبر كان لزوجها، المحامي اللبناني روجيه إدّه، الذي جعل من هذه البلاد موطناً ثانياً لها.

تُطلق أليس إدّه مبادرتها «مشوار الفنّ في بيبلوس»... (الجهة الإعلامية)

في هذا الحدث، تسعى أليس إدّه إلى الإضاءة على المتاجر الصغيرة والفنانين المحلّيين، عبر توزيع أعمال 37 فناناً ومصمّماً في 18 متجراً متفرّقاً داخل أزقّة المدينة، في دعوة للزوّار للتنقّل بين الفنّ والتسوّق، ولمعايشة الجمال المُتناثر بين واجهات المتاجر وشرفات البيوت القديمة. من المشاركين: ندى دبس، ونيفين بويز، وبول بو رميا، وأرليت سوفور، وربيع فضول، وغيرهم من المبدعين الذين سيعرضون أعمالهم في محالّ تعكس روح جبيل الأصيلة.

المبادرة ستُقام يومَي السبت والأحد، 21 و22 يونيو (حزيران) الحالي، من العاشرة صباحاً حتى الثامنة مساءً. خلال هذه الساعات، سيجول الزائرون بين المتاجر المُشاركة، ويتعرَّفون على الحِرف اليدوية اللبنانية ويحتكّون مع المبدعين، في مشهد ثقافي نابض.

الحدث يُضيء على المتاجر الصغيرة والفنانين المحلّيين (الجهة الإعلامية)

ولن يقتصر الحدث على المعارض، إذ يتضمّن ورشات عمل تفاعلية، منها ورشة لفنّ الفسيفساء في متحف الأحفوريات «Memory of Time»، وورشة لتنسيق الزهور تُقدّمها زويا صقر من «مجتمع الزهور»، وجلسات موسيقية حيّة لعازفين محلّيين، أبرزهم إيلي درغام، الكفيف الذي يعزف الكمان وينسج الكراسي من القشّ، ليُضفي على المشهد لمسة من الإلهام النقي.

المبادرة تُقدّم للناس ما تؤمن أليس إدّه بأنه جزء من هذه الأرض ونبضها (الجهة الإعلامية)

المبادرة ليست وليدة لحظة، بل ثمرة تجربة شخصية. ففي زيارة لواشنطن، خرجت أليس مع صديقتها للتسوّق وسط المدينة. وبينما تهمّان بدخول متجرهما المفضّل، استوقفتهما سيّدة لطيفة قائلة: «ما رأيكما في الاطّلاع على أعمالي قبل التسوّق؟». كانت مُصوّرة، تخصَّصت في تصوير الخيول، وتعرض أعمالها في أحد المتاجر ضمن مشروع فنّي يُشبه تماماً ما قرَّرت أليس أن تحمله إلى لبنان. فكرة التنقّل بين متاجر مختلفة في حيٍّ واحد، لاكتشاف فنانين متعدّدين، راقتها إلى حدّ أنها تبنّتها: «أحببتُ أن أعيد بيبلوس إلى الخريطة السياحية، واخترت المتاجر الصغيرة التي غالباً ما تُهمَل لأنها تعمل بصمت، بعيداً عن الضجيج والضوء».

دعوة للزوّار للتنقّل بين الفنّ والتسوّق (الجهة الإعلامية)

تُضيف: «اخترتُ مصمّمين وفنّانين موهوبين، عددهم 37. واستقطبتُ فنانين من خارج جبيل، لا سيما من بيروت، لأنني أطمح إلى إعادة البيروتيين إلى بيبلوس. من خلال حضورهم، يزور الناس المتاجر لاكتشاف أعمالهم، وهناك يلتفتون إلى المحالّ التي ربما لم يسبق لهم أن لاحظوها».

تريد من «مشوار الفنّ» ما يُشبه التجربة الشاملة: ورشات عمل تشمل الحِرف اليدوية مثل صناعة الأدوات الخشبية من ملاعق وأشواك وأطباق، وورشات زهور، وورشات للأطفال، بالتناغم مع موسيقى حيّة تملأ زوايا المدينة.

تتابع أليس: «لطالما حلمنا بتحويل جبيل إلى مقصد سياحيّ متكامل. أنشأنا مقهى، ثم مطعماً، ثم منتجع (إده ساندز)، وافتتحنا مجموعة متاجر صغيرة لنمنح الزائر تجربةً أصيلة. حافظنا فيه على الطابع اللبناني، من المعمار حتى التفاصيل الدقيقة».

عشق أليس إدّه للثقافة والتاريخ والفنون قادها إلى قلب جبيل (الجهة الإعلامية)

وتعتمد في متاجرها على المنتجات اللبنانية الخالصة: من صابون وسِلال وأكواب وأقمشة، إلى المأكولات والتوابل. تؤمن بدعم ما يُصنَع في لبنان، وتبحث عن المصمّمين الذين يستخدمون المواد المحلّية، لا المُستَوردة من الصين أو تركيا.

تختم: «أنشأت متجراً للمونة والتوابل. أعشق الأرض والحديقة. أزرع، وأقطف، وأبيع البذور التي تنبت في حديقتي. نصنع منها عسلنا، ونقدّم للناس ما نؤمن بأنه جزء من هذه الأرض ونبضها».