الأوقاف السورية: تحييد المنابر عن الطعن بالكيانات والأشخاص لتعزيز السلم الأهلي

سيارات دعوية بمكبرات تجوب الشوارع وتوزع المنشورات واللباس الشرعي

أحد المدربين في برنامج رابطة خطباء الشَّام ضمن دبلومها المتخصص في «صناعة الخطيب» بالشراكة مع مديرية أوقاف دمشق ما بين 11 و15 مايو (حساب الرابطة)
أحد المدربين في برنامج رابطة خطباء الشَّام ضمن دبلومها المتخصص في «صناعة الخطيب» بالشراكة مع مديرية أوقاف دمشق ما بين 11 و15 مايو (حساب الرابطة)
TT

الأوقاف السورية: تحييد المنابر عن الطعن بالكيانات والأشخاص لتعزيز السلم الأهلي

أحد المدربين في برنامج رابطة خطباء الشَّام ضمن دبلومها المتخصص في «صناعة الخطيب» بالشراكة مع مديرية أوقاف دمشق ما بين 11 و15 مايو (حساب الرابطة)
أحد المدربين في برنامج رابطة خطباء الشَّام ضمن دبلومها المتخصص في «صناعة الخطيب» بالشراكة مع مديرية أوقاف دمشق ما بين 11 و15 مايو (حساب الرابطة)

طلب وزير الأوقاف السوري محمد أبو الخير شكري، الاثنين، من خطباء المساجد في سوريا، الالتزام بمنهج «الوسطية والاعتدال والخطاب الإيجابي، وتعزيز السلم الأهلي، وتحييد المنابر عن الطعن بالكيانات، والأشخاص».

وفي تعميم صادر عن وزارة الأوقاف السورية، أهاب شكري بخطباء المنابر ضرورة الالتزام بمنهج الوسطية، والفكر المتوازن «من غير إفراط أو تفريط»، والخطاب الإيجابي المعبأ بالحكمة البعيد عن التعصب والتحزب، مع الالتزام بالضوابط العلمية، ومراعاة فقه التثبت من المعلومات من مصادرها الموثوقة، والتركيز على الخطاب الجامع الذي يوحد الكلمة، ويؤلف القلوب، ويعزز التعايش، والسلم الأهلي.

تعميم وزارة الأوقاف

كما حدد التعميم مدة الخطبة بـ30 دقيقة كحد أقصى، مطالباً بالبعد عن الإطالة. ونص على الرجوع في النوازل إلى الوزارة لمعرفة الطرح المناسب، وأن المرجعية الشرعية للخطاب الديني هي المذاهب الفقهية الأربعة المشهورة، والمذاهب العقدية الثلاثة (الأشاعرية، والماتريدية، وأهل الحديث). مع تأكيد الوزارة على الخطاب الديني الناضج والجامع الذي «يسهم في البناء والنهضة، ويوحد الكلمة، ويعزز السلم الأهلي».

وتنقسم الآراء في الشارع السوري حول مظاهر مستجدة في المجتمع تعكس تجليات الخطاب المتشدد منذ سقوط النظام، منها تجوال سيارات دعوية بمكبرات صوت ضخمة في شوارع المدن والبلدات، وتوزيع المنشورات، وكتب واللباس الشرعي في الأماكن العامة، ومنع ممارسة الطرق الصوفية في المساجد، وكذلك مداهمة أماكن الترفيه، ومنع الموسيقى، والاختلاط، واللباس الصيفي، في حوادث متكررة تحصل في العاصمة دمشق، وعدة مدن وبلدات سورية.

سيارة دعوية تجوب في دمشق

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر قريبة من وزارة الأوقاف أن الممارسات المتشددة التي تحصل هنا وهناك بشكل متفرق يقوم بها أفراد ومجموعات من منطلق اجتهاد فردي لا علاقة له بتوجه الحكومة، ولا وزارة الأوقاف التي تؤكد على الوسطية والاعتدال، ولفتت إلى ورود شكاوى كثيرة إلى الوزارة بهذا الخصوص، وأنه يجري العمل على معالجتها بالطريقة الأسلم على أرضية الاعتدال، والحفاظ على السلم الأهلي.

وأثارت سيارة دعوية تتجول في المدن السورية، بينها العاصمة دمشق، ردود فعل شعبية متناقضة بين مؤيد لدعوات تحض على العودة إلى الدين القويم والعمل الصالح، وبين آراء اعتبرت مكبرات الصوت إزعاجاً وزيادة للفوضى في الشارع العام، واستفزازاً للمدنيين وغير المسلمين.

أحد سكان حي الصالحية عبّر ضمن مجموعة للحي على تطبيق «واتساب»، عن فرحه بالسيارة الدعوية باعتبار أنها «أفضل بمليون مرة من سيارات الشبيحة التي كانت تجوب الأحياء بعد منتصف الليل فترة النظام المخلوع وتبث أغاني تمجد الطاغية». وقال: «حينذاك لم يكن أحد يجرؤ على القول إنها مزعجة». وبرأيه أن السيارات الدعوية على الأقل «ترشد الناس للعودة إلى الله».

باحة الجامع الأموي تعج بالمصلين السوريين (أرشيفية)

لكن مياسة، وهي حقوقية، ردت على المجموعة ذاتها بأن ما يحدث «إزعاج للعامة»، وقالت: «الدعوة تبليغ بالحسنى، ولكل إنسان حرية الاختيار، ووثيقة المدينة تضمن حرية المعتقد». ولفتت مياسة إلى أنها مسلمة متدينة، وتلتزم باللباس الشرعي، لكنها بنظر هؤلاء الدعويين الذين ظهروا في دمشق «غير محتشمة». وقد عرض عليها ارتداء النقاب مع الإسدال الأسود، ورفضت ذلك، لاعتقادها بأن النقاب ليس من أصل الدين، كما أن لباسها «مانطو مع حجاب» هو لباس أهل الشام من عقود طويلة، مؤكدة على أن الفكر المتشدد لا ينسجم مع روح الشام والنسيج الدمشقي، فضلاً عن كون نشاط الدعويين على هذا النحو وفي هذا التوقيت، أي قبل بناء الدولة، يعزز الخوف، ويصبح «قنبلة موقوتة جاهزة لتفجير التوترات في كل لحظة».

أحد المدربين في برنامج رابطة خطباء الشَّام ضمن دبلومها المتخصص في «صناعة الخطيب» بالشراكة مع مديرية أوقاف دمشق ما بين 11 و15 مايو (حساب الرابطة)

وجاء تعميم وزارة الأوقاف بتحييد المنابر، للحد من حوادث التحريض والاستفزاز التي تشيع الفوضى، وتهدد الاستقرار، والسلم الأهلي.

يشار إلى أنه عشية اندلاع أحداث الساحل في مارس (آذار) الماضي، انطلقت دعوات النفير في مناطق متفرقة من المساجد، ولاقت تجاوباً شعبياً كاسحاً خرج عن السيطرة إلى حد ما، وكاد الأمر يتكرر لدى تسريب تسجيل صوتي مسيء للدين الإسلامي الشهر الماضي، وساهمت الخطب في بعض المساجد في الدفع إلى شن هجمات على بلدات أشرفية صحنايا، وصحنايا، وجرمانا ذات الأغلبية الدرزية، وترافق ذلك مع حملات دعوية في الجامعات بدمشق وحمص منها حملة «خير أمة».


مقالات ذات صلة

تحذير أممي من مخاطر الحرب الإيرانية - الإسرائيلية على سوريا

المشرق العربي رئيسة المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا كارلا كينتانا (يمين ترتدي معطفاً أبيض) أثناء لقائها سيدات سوريات ما زلن يبحثن عن أفراد عائلاتهن المفقودين (الأمم المتحدة)

تحذير أممي من مخاطر الحرب الإيرانية - الإسرائيلية على سوريا

حذرت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي، من أن مخاطر التصعيد الإضافي في الشرق الأوسط «ليست افتراضية»، بل هي «فورية وخطيرة».

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي (أرشيفية – أ.ب)

موسكو: الحوار مع دمشق مستمر ونتوقع احترام مصالحنا الوطنية

أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن الاتصالات بين موسكو ودمشق متواصلة بشأن عدد من القضايا، على رأسها الوضع حول القواعد العسكرية الروسية في سوريا

رائد جبر (موسكو)
المشرق العربي متداولة على السوشال ميديا لتحديد موقع مكان ماهر الأسد

ماهر الأسد يظهر في مقهى شيشة بموسكو

تداول ناشطون مقطع فيديو التقط خلسة بهاتف جوال يظهر فيه ماهر الأسد في مقهى ينظر في هاتفه وهو برفقة أحد المقربين منه.

سعاد جروس (دمشق)
المشرق العربي جيش الاحتلال الإسرائيلي في بلدة الحميدية بريف القنيطرة الأوسط (متداولة)

إسرائيل تهدم 16 منزلاً في ريف القنيطرة مستغلة ضجيج الحرب

هدم الجيش الإسرائيلي 16 منزلاً على الأقل، في قرية الحميدية بريف محافظة القنيطرة الشمالي، وفق مصادر في المنطقة.

موفق محمد (دمشق - القنيطرة)
المشرق العربي الأسلحة المصادرة في الميادين (محافظة دير الزور)

دمشق تسحب «سلاح خلايا الفلول» بدير الزور

مع انتهاء المراحل الأولى من العملية الأمنية في محافظة دير الزور، أصدرت قيادة الأمن الداخلي في المحافظة قراراً يقضي بمنع حيازة فلول النظام السابق السلاح.

سعاد جرَوس (دمشق)

رئيسة لجنة تحقيق أممية: دعم واشنطن مؤسسة غزة الإنسانية «فاضح»

نافي بيلاي (إ.ب.أ)
نافي بيلاي (إ.ب.أ)
TT

رئيسة لجنة تحقيق أممية: دعم واشنطن مؤسسة غزة الإنسانية «فاضح»

نافي بيلاي (إ.ب.أ)
نافي بيلاي (إ.ب.أ)

وصفت رئيسة لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة، اليوم (الأربعاء)، الدعم الأميركي لـ«مؤسسة غزة الإنسانية (GHF)» التي توزع المساعدات في غزة بموافقة إسرائيل، بأنه «فاضح»، لتنضم بذلك إلى موجة انتقادات موجهة إلى أساليب عمل المنظمة.

وقالت رئيسة لجنة التحقيق الدولية نافي بيلاي، خلال مؤتمر صحافي في جنيف: «كما نرى يومياً، يتضح أن الأشخاص الذين يرتادون هذه المراكز يُقتلون في أثناء بحثهم عن الطعام».

وأضافت: «يجب أن ندرس الهدف السياسي لهذه المؤسسة وكيفية تطبيقه»، واصفةً الدعم الأميركي لها بأنه «فاضح».

وقعت سلسلة من الأحداث الدامية منذ 27 مايو (أيار)، تاريخ افتتاح مراكز الإغاثة المحدودة التي تديرها «مؤسسة غزة الإنسانية»، وهي منظمة ذات تمويل غامض تدعمها الولايات المتحدة وإسرائيل.

وترفض الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية غير حكومية العمل مع هذه المنظمة بسبب مخاوف بشأن إجراءاتها وحيادها.

بعد عشرين شهراً من الحرب الإسرائيلية في غزة رداً على هجوم حركة «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، يشهد القطاع الفلسطيني وضعاً إنسانياً مُزرياً، إذ يعاني سكانه من الجوع نتيجة الحصار الذي تفرضه إسرائيل منذ أكثر من شهرين والذي لم يُخفَّف إلا جزئياً في نهاية مايو.

تقول مؤسسة غزة الإنسانية إنها وزعت 27.8 مليون وجبة منذ إطلاق عملياتها الميدانية منذ نهاية مايو حتى الخميس الماضي.

وقالت بيلاي: «في مختلف الحروب، يؤدي الحصار والمجاعة إلى الموت (...) عندما لا يتمكن الناس من الحصول على الغذاء»، لكن «علينا أن نفهم الدافع وراء قتل الأشخاص الذين يلجأون إلى هذه المؤسسة طلباً للمساعدات الإنسانية»، حسب المسؤولة الجنوب أفريقية التي شغلت منصب رئيسة المحكمة الجنائية الدولية لرواندا، وقاضية في المحكمة الجنائية الدولية، ومفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.

وقد أنشأ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لجنة التحقيق الدولية المستقلة التي ترأسها بيلاي في مايو 2021 للتحقيق في انتهاكات القانون الدولي في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.

وقدمت اللجنة، أمس، تقريرها الأخير الصادر في 10 يونيو (حزيران) إلى مجلس حقوق الإنسان، مشيرةً إلى أن الهجمات الإسرائيلية على المدارس والمواقع الدينية والثقافية في غزة تُشكل جرائم حرب و«جريمة إبادة ضد الإنسانية».

وترى إسرائيل أن لجنة التحقيق هذه تعكس «آلية متحيزة ومُسيّسة بطبيعتها تابعة لمجلس حقوق الإنسان».